الأحد

1446-06-28

|

2024-12-29

"وجوب الإيمان بالقضاء والقدر في القرآن الكريم"

من كتاب "الإيمان بالقدر"

لمؤلفه الشيخ الدكتور علي محمد الصلّابي

الحلقة الثانية


جعل الله تعالى الإيمان بالقضاء والقدر ركناً من أركان الإيمان الأساسية التي لا يتم الإيمان إلا بها، وذلك لأهميته في إعانة المسلم على تقبّل مصائب الدنيا ومحنها، والرضا والقناعة بما قدر له، وإعانته على الصبر الجميل على الابتلاء بالخير والشر فيها، وقد وردت في كتاب الله تعالى آيات تدل على أن الأمور تجري بقدر الله تعالى، وعلى أن الله تعالى علم الأشياء وقدرها في الأزل، وأنها ستقع على وفق ما قدرها سبحانه وتعالى (1) .
1 ـ قال تعالى:﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49] قدر الله كل شيء في الأزل وكتبه سبحانه.
2 ـ وقوله تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: 38]. أي قضاء مقضياً، وحكماً مبتوتاً وهو كظل ظليل، وليلٍ أليل، وروض أريض في قصد التأكيد (2) .
3 ـ وقوله تعالى: ﴿فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾ [طه: 40]، أي أنه جاء موافقاً لقدر الله تعالى وإرادته على غير ميعاد (3) .
4 ـ وقوله تعالى:﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: 21-23]. أي جعلنا الماء في مقر يتمكن فيه وهو الرحم، مؤجلاً إلى قدر معلوم قد علمه الله سبحانه وتعالى، وحكم به، فقدرنا على ذلك تقديراً فنعم القادرون نحن، أو: فقدرنا ذلك تقديراً فنعم المقدرون له نحن ـ على قراءتين (4)، والقراءة الثانية "قدَّرنا" بالتشديد توافق قوله تعالى: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ [عبس: 19].
5 ـ وقال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: 2] : أي كل شيءٍ مما سواه مخلوق مربوب، وهو خالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه، وكل شيءٍ تحت قهره وتدبيره وتسخيره وتقديره (5).
6 ـ وقال تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: 8] أي: بأجل، كحفظ أرزاق خلقه وآجالهم، وجعل لذلك أجلاً معلوماً (6).
7 ـ وقال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: 21]. يخبر تعالى أنه مالك كل شيء، وأن كل شيءٍ سهل عليه يسير لديه، وأن عنده خزائن الأشياء من جميع الصنوف، ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ كما يشاء وكما يريد ولما له في ذلك من الحكمة البالغة والرحمة بعباده لا على جهة الوجوب بل هو كتب على نفسه الرحمة (7).
8ــ وقال تعالى: ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ [الواقعة: 60] أي: صرفناه بينكم، ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ أي: وما نحن بعاجزين (😎.
9ــ وقال تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ [فصلت: 10].
10ــ وقال تعالى: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ [عبس: 19]، أي: قدر أجله ورزقه وعمله، شقي أو سعيد (9).
وغير ذلك من الآيات التي تدل على أن الله قدر كل شيء.


----------------------------------
مراجع الحلقة الثانية:
(1) القضاء والقدر د. المحمود ص 50.
(2) فتح البيان في مقاصد القرآن، تفسير صديق حسن خان (7 / 375) .
(3) تفسير ابن كثير (5 / 287) .
(4) القضاء والقدر د. عبد الرحمن المحمود ص 51.
(5) صحيح تفسير ابن كثير (3 / 314) .
(6) المصدر نفسه (2 / 492) .
(7) المصدر نفسه (2 / 547) .
(8) صحيح تفسير ابن كثير (4 / 362) .
(9) المصدر نفسه (4 / 595) .

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الإيمان بالقدر في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:
http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/648


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022