الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

دلالة السنة النبوية في تأثير الدعاء ..

مختارات من كتاب "الإيمان بالقدر"

لمؤلفه الشيخ الدكتور علي محمد الصلّابي

الحلقة الثامنة والثلاثون

 

وأما السنة الدالة على تأثير الدعاء، فأكثر من أن تحصر فقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم أمران: فعله للدعاء والثاني: حثه صلى الله عليه وسلم وترغيبه في الدعاء (1)، ومن الأدلة ما يلي:

أ ـ حديث أنس بن مالك: قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال: يا رسول الله هلك الكراع وهلك الشاء، وفي رواية وجاع العيال، وفي رواية أخرى: هلكت الأموال وانقطعت السبل فأدع الله أن يسقينا فمد يديه ودعا، وفي رواية وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة.

ثم جاء ذلك الرجل أو غيره في الجمعة المقبلة فقال: تهدمت البيوت وانقطعت السبل فأدع الله يمسكها، فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت (2).

ب ـ حديث النزول، وهو حديث مشهور متواتر، ومن طرقه، ما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟ (3)

إن المشاهدة لتأثير الدعاء لمن أكبر الأدلة وأصدقها برهاناً وأقواها حجة، فنحن رأينا وشاهدنا في أنفسنا ومن حولنا تأثير الدعاء، فمن منا لا يقع في شدة وكرب وضيق ثم يستغيث بربه فلا يرى أثر ذلك؟ فنحن نشاهد في حياتنا وأيامنا القصيرة وقائع لنا ولغيرنا يحصل فيها إجابة الدعاء بعد يأس وقنوط من المخلوقات، وبعد انقطاع السبل والحيل فهذا يكفي وحده للدلالة.

والحق الذي لا مرية فيه أن الدعاء سبب من الأسباب وأن له تأثيراً في جلب المنافع ودفع المضار، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة، وأنه لا منافاة بين القدر والدعاء، فالدعاء من جملة ما سبق به القدر وتضمنه القدر السابق (4).

ولاشك أن الله سبحانه وتعالى هو الذي حرك العبد إلى الدعاء ويسره له وهو الذي قذف في قلب العبد الحركة إلى الدعاء وألهمه التضرع والابتهال والانطراح بين يديه ووفقه لذلك وصرف عنه الموانع من استكبار، وكسل وغير ذلك، فهذا الخير منه ولولا الله لما دعا العبد.

وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني لا أحمل هم الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء، ولكن إذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه (5).

فإذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له (6).

---------------------------------------------

مراجع الحلقة الثامنة والثلاثون:

(1) الدعاء ومنزلته من العقيدة (1/ 366) .

(2) البخاري رقم 932، مسلم رقم 897.

(3) البخاري رقم 1145، مسلم رقم 758.

(4) الدعاء ومنزلته من العقيدة (1/ 374) .

(5) المصدر نفسه (1/ 375) .

(6) المصدر نفسه (1/ 375) .

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الإيمان بالقدر في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/648


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022