اليوم يوم بر ووفاء (2)
الحلقة الثالثة والأربعون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
ربيع الآخر 1443 هــ / نوفمبر 2021
الجهاد ليس توسعًا ولا استكبارًا:
إن الجهاد الإسلامي لا يسعى لابتزاز أموال الناس واستعبادهم، وإنما يسعى لدينونة الناس لله عز وجل، ورفع الظلم عنهم، وقديمًا كان كسرى وقيصر وغيرهم من الملوك يَسُومُونَ الناس سوء العذاب، حتى جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الدين.
فجاء الإسلام ليحرر الإنسان من طغيان أخيه الإنسان ويعبِّده لربه الواحد الديان، وقال سبحانه:﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ [النساء: 75].
فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة وجعل يطوف بالبيت وبيده عود يطعن به الأصنام فتهاوت واحدًا بعد الآخر، ومؤذنه يصدح: (أن لا إله إلا الله).
إن تاريخ الفتح الإسلامي الرشيد تاريخ أبيض نظيف، وإن تخلله في بعض العصور المتأخرة شيء من مطامع الدنيا ومكاسبها، فإن العبرة ليست بالتاريخ فقط، إنما العبرة بالممارسات الراشدة التي تمثل حقيقة هذا الدين، ومع ذلك يظل الفتح الإسلامي هو الأرقى والأنقى، وباعتراف الأعداء قبل الأصدقاء، فهاهم كُتَّاب الغرب يعترفون بذلك، كما يقول أحد المؤرخين البريطانيين الكبار (أرنولد توينبي): ما عرف التاريخ فاتحًا أعدل ولا أرحم من العرب.
لقد كان فتحًا عظيمًا؛ لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو قائد المسيرة، ولذلك أرشد الناس إلى البوصلة الصحيحة، وبين لهم حقيقة الأمر.
هذا الفتح العظيم الذي سجلت البشرية صفاءه ونقاءه وحفاظه على الناس لم يعتد على حقوقهم، ولم يبخس أحدًا منهم ولم يظلمه.
أنظمة العالم كانت أنظمة بغي واستخفاف:
إن الكثيرين ممن كتبوا عن الإسلام و«تاريخ الإسلام» وفتوحاته حتى من غير المسلمين يعترفون بعظمة هذا الدين، وعظمة الأخلاق التي انتصر بها المسلمون، فقد كانوا يفتحون قلوب العباد قبل البلاد، وهذه الأمم والشعوب والأجناس التي فتحت آنذاك أصبحت اليوم تدين بالإسلام وتدافع عنه، وتؤمن به، وتموت في سبيله، وتشارك في صناعة واقعه كما شاركت من قبل في صناعة تاريخه العظيم، وما ذلك إلا لأن الفتح لم يكن عدوانًا ولا اغتصابًا ولا تسلطًا، ولكنه كان فتحًا للقلوب، وحماية للشعوب.
لقد وَجَدَتْ تلك الشعوب من فتح الإسلام وعدالته ما لم تجده في الحكام الذين كانوا من جنسها، فأَحَبَّت المسلمينَ وآثرتهم، وشهدت لهم بالفضل، واعتنقت الدين الذي انتصر وتغلب، فهذا الدين العظيم فتح القلوب بالحق والعدل والأخلاق قبل أن يفتح البلاد بالسيف والقوة والسلطة، واليوم يستطيع المسلم الذي لا يملك القوة أن يفتح القلوب بصدقه وأخلاقه النبيلة، وعلمه الصحيح، وتفكيره المعتدل، وقوله السديد، وأن يكون ناطقًا بالقرآن، ناطقًا بالحق والعدل.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي