في بيت عائشة (1)
الحلقة الثامنة والأربعون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
ربيع الآخر 1443 هــ / ديسمبر 2021
- معلِّمة الرجال:
كان الصحابة رضوان الله عليهم يعلمون عظيم فضلها ومنزلتها، فهي زوجة نبيهم، وأحب نسائه إليه صلى الله عليه وسلم.
وعائشة رضي الله عنها حافظة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأستاذة كبيرة في هذا العلم، حتى قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «ما أشكل علينا أمر فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا».
لقد خلقها الله تعالى لتكون حبيبة بيت النبوة، وتتعلم العلم وتحفظه، حتى إنها تعد من أكثر الصحابة حفظًا ورواية للسنة، وكانت تستدرك على أكابر الصحابة وتصحح لهم، كما صححت لعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم؛ بل ألَّف بعض العلماء (الزركشي) كتابًا خاصًّا أسماه: «الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة» وبنت في هذا السن، متألقة الذهن ذات ذكاء وقاد وحرص شديد في بيت النبوة، يدل على أن من وراء ذلك حكمة ربانية بالغة.
- لماذا تزوج عائشة رضي الله عنها؟
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبحث في الفتيات عن الجميلات، وإن كانت عائشة من أجمل النساء، ولم يكن يبحث عن الفتاة صغيرة السن، ولو شاء لقدمت له قريش أحسن فتياتها، ولكنه اختار أولًا خديجة رضي الله عنها، وبعدما توفيت تزوج عائشة، وهي الوحيدة التي تزوجها بكرًا؛ وذلك لعمق العلاقة والمكانة بينه وبين الصديق رضي الله عنه، ولحكمة الله تعالى في أن تكون عائشة مدرسةً نبوية تحفظ للمسلمين هدي النبي صلى الله عليه وسلم، خصوصًا فيما يتعلق بالشأن الداخلي، فمثلًا: مَن هو الذي روى لنا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع وهو في الفراش مع زوجته؟!
نعم، هذه أسرار وخصوصيات، لكن بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم كانت حاجةً لأن يتعلم الناس أحكامها وحلالها وحرامها، وما هو المشروع منها، وما هو الممنوع، فكانت عائشة رضي الله عنها هي التي تنقل لنا ذلك، حتى تقول رضي الله عنها: أنها إذا حاضت أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتزر، ثم ينام النبي صلى الله عليه وسلم معها ويداعبها دون أن يقع في المنهي عنه، كما قال الله تعالى:﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: 222] .
مَن الذي علَّمنا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل في بيته؟ إنها عائشة رضي الله عنها التي تحكي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكون معها في مكان الاغتسال فتأخذ من الماء وتصب على جسدها، ويأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ويصب على جسده، وهي تقول: دع لي يا رسول الله! وهو يقول: «دَعِي لِي يَا عَائِشَةُ». هكذا كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته بهذه البساطة والعفوية التي تفتقدها الكثير من البيوت اليوم، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بعيدًا عن التكلف والمبالغات والتصنع والأمور التي تحول دون وضوح العلاقة وانسجامها وصدقها.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي