كان خلقَه القرآن (2)
الحلقة الحادية والخمسون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
جمادى الأولى 1443 هــ / ديسمبر 2021
- هموم الصغار والضعفاء:
وأعجب من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان العالم فيه يضج بالطغيان كما قال الشاعر:
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم *** إِلّا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّـتِـهِ *** وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
ومع ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للخادم أحيانًا: «أَلَكَ حَاجَةٌ؟». يعرض على الخادم: هل تحتاج شيئًا؟ هل تريد أن تقول شيئًا؟ هل في نفسك أمر من الأمور تحب أن تبوح به؟
متى عرف الناس مثل هذا اللون من التواضع والبساطة والقرب من الضعفاء والخدم والموالي وغيرهم؟!
وأيضًا: نجد أن من هديه صلى الله عليه وسلم التعامل مع الصغار والأطفال، وهم جزء لا يتجزأ من الحياة، فهم صغار اليوم كبار الغد، كان أبو عُمير أخو أنس طفلًا صغيرًا، وكان معه عصفور يلعب معه، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الطفل واندماجه مع هذا الطائر وشغفه به كما نلاحظه في صبياننا وأطفالنا، وهكذا هي طبيعة الطفولة وولعها بهذه الأشياء، فيأتي إليه النبي صلى الله عليه وسلم يومًا من الأيام وهو حزين لموت هذا الطائر، فيسأله النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْـرُ؟».
سبحان الله! هذا القلب الكبير المشحون بالقضايا العظيمة والمهمة والضخمة لم يمنعه ذلك من أن يجد مكانًا في قلبه لهمِ طفلٍ صغير يلعب مع عصفور، فسأله عنه ويبادله الأحزان لموته!!
- هموم النساء:
من هديه صلى الله عليه وسلم أسلوبه في التعامل مع النساء، سواءً كن أزواجه في بيته، أو من نساء المجتمع من حوله، في سؤالهن له صلى الله عليه وسلم، وعرض مشكلات كثيرة عليه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ملجأً لهؤلاء، حتى إنه في يوم من الأيام نهى عن ضرب النساء؛ لأن العرب كان من عادتهم ضرب النساء، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأمر أصحابه أن يحترموا المرأة، وألا يضربوها ولا يعتدوا عليها.
وبعد ذلك جاء بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكون وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ذَئِرْنَ النساء على أزواجهن. فرخص النبي صلى الله عليه وسلم في ضربهن، فلما كان من الغد جاءت نساء إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكين من أزواجهن، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبًا، وقال: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ». نعم، ليسوا من الخيار، بل الخيار كما قال صلى الله عليه وسلم: «خَيـْرُكُمْ خَيْـرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيـْرُكُمْ لأَهْلِي».
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي