الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

لا تغضب (1)

الحلقة الثالثة والستون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

جمادى الأولى 1443 هــ / ديسمبر 2021

عن سُليمان بن صُرَد رضي الله عنه قال: استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ؛ لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». فسمع أحد الصحابة كلام النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى ذلك الرجل فأخبره بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: تعوذ بالله من الشيطان. فاشتد غضبه وزاد، ونفض بيده، وقال له: أترى بي بأس، أمجنون أنا؟! اذهب.

وهذه القصة فيها فوائد وعبر:

أولًا: مقامات الناس في الغضب:

أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الغضب من الشيطان، هذا إذا كان غضبًا بغير حق، وهو غالب ما يعتري الإنسان غضب وانفعال، وربما نستطيع أن نقول: إن غالب ما يصيب الناس من الغضب هو انتصار لأنفسهم، فالإنسان إذا شعر أن ذاته أو أنانيته تتعرض للابتزاز أو المضايقة، أو أن شيئًا من حقوقه يتعرض للمصادرة؛ فإنه يغضب وينفعل.

والناس في مقامات الغضب على مراتب:

الأولى: مَن هو بطيء الغضب بطيء الرضا، فإذا غضب فليس من السهل أن يرضى.

الثانية: مَن هو سريع الغضب سريع الرضا، وهذا أمره والتعاطي معه سهل إذا فهمه الإنسان وأدركه.

الثالثة: مَن هو بطيء الغضب سريع الرضا، وهذا في أفضل الدرجات، فلا يغضب إلا قليلًا، وإذا غضب فسرعان ما يتراجع ويستغفر ربه سبحانه، ويعود إلى رشده وصوابه.

الرابعة: مَن هو سريع الغضب بطيء الرضا، وهذا في شر المنازل، فيغضب بسرعة ولأتفه الأسباب، وإذا غضب فمن الصعب جدًّا مراجعته وترضيه.

ثانيًا: الغضب.. والفطرة:

إن الغضب فطرة إنسانية، وفي وجوده حِكَمٌ ومصالح وفوائد، إذا تم توظيفه بشكل صحيح؛ لكن المشكلة تكمن فيما إذا سيطر الغضب على الإنسان، وأصبح يتصرف بمنطلق الاندفاع الغضبي دون أن يحكم نفسه بالحلم أو العقل أو الأناة، فهذا أشج عبد القيس لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ؛ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ». فقال: يا رسولَ الله، أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: «بَلْ اللهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِما». فقال: الحمد لله الذي جبلني على خَلتين يحبهما الله ورسوله.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022