الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

(ضمُّ عماد الدين الزنكي لحماة)

من كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي

الحلقة: 48

بقلم: د.علي محمد الصلابي

ربيع الأول 1444 ه/ أكتوبر 2022م

 

أدرك عماد الدين زنكي: أنه لا يستطيع مواصلة الجهاد ضد الصليبيين إلا إذا ضمَّ دمشق، والمدن المحيطة بها إلى أملاكه، وأقام محور الموصل، حلب، دمشق؛ لأن قطع الشام عن الجزيرة كان يجعله محتاجاً إلى البقاع، وحوران لتموينه بالحبوب، بالإضافة إلى هدف سياسي يعود إلى وجود مملكة بيت المقدس اللاتينية في الجنوب. والواقع: أن ممتلكات المسلمين في بلاد الشام كانت تتوزع آنذاك بين ثلاث قوى:

أ ـ محور بوري بن طغتكين أتابك دمشق الذي يسيطر على دمشق وحماة في الشمال، وحوران في الجنوب. والجدير بالذكر: أنَّ آل طغتكين ورثوا حكم هذه المنطقة الحيوية من سلاجقة الشام، وكانت مشكلتا دمشق الرئيستان تتمثلان في تجنُّب قوة الزنكيين في الموصل، وحلب، وقوة الصليبيين في بيت المقدس، والاحتفاظ بالسيطرة على السهلين الزراعيين، البقاع في الشمال الغربي، وحوران في الجنوب الشرقي؛ اللذين يؤمِّنان لها القمح والعلف.

ب ـ محور صمصام الدولة خير خان بن قراجا، أمير حمص.

ج ـ محور سلطان بن منقذ، الأمير العربي الذي يسيطر على شيزر.

وحتى يحقق هذا الهدف كان عليه أن يضمَّ حماة، وحمص أولاً الواقعتين على الطريق المؤدي إلى دمشق ؛ نظراً لما يمنحه ذلك من قواعد عسكرية هامة، ومراكز للتموين لا يمكن الاستغناء عنها عند القيام بهجوم ضد المدينة الأخيرة، أو فرض الحصار عليها((1).

ورأى عماد الدين زنكي أن يستعمل الأساليب، والمناورات السياسية لضمِّ حماة، وحمص، ويتجنَّب ما أمكن استعمال القوة، فأرسل إلى بوري بن طغتكين في دمشق يخبره بنيته في محاربة الصليبيين، ويلتمس منه المساعدة، فكتب بوري إلى ابنه سونج في حماة يأمره بالخروج من عسكره لنجدة عماد الدين زنكي، كما أرسل من دمشق قوة عسكرية مؤلفة من خمسمئة فارس، لتنضمَّ إلى القوات الإسلامية.

رحب عماد الدين زنكي بقدوم سونج، وأحسن لقاءه، لكنه لم يلبث أن قبض عليه، وعلى عدد من أمرائه، وقادته، وأرسلهم إلى حلب، ثم تقدم مسرعاً إلى حماة، منتهزاً خلوها من الدفاعات، ودخلها في شهر شوال عام 524 هـ/شهر أيلول عام 1130 م، وسلَّمها لحليفه خير خان صاحب حمص الذي كان يرافقه في عملياته(2).

 

مراجع الحلقة الثامنة والأربعون:

(1) تاريخ الزنكيين في الموصل ص 116.

(2) زبدة حلب (2/440) تاريخ الزنكيين ص 116.

يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

alsallabi.com/uploads/file/doc/106969.pdf

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022