(محاولة عماد الدين زنكي التفاهم مع حكام دمشق)
الحلقة: 50
بقلم: د.علي محمد الصلابي
ربيع الأول 1444 ه/ أكتوبر 2022م
حدث في شهر رجب عام 526 هـ/من شهر حزيران عام 1132 م أن توفي بوري بن طغتكين، فخلفه ابنه شمس الملوك إسماعيل الذي اتصف بالطموح والاندفاع الزائد، ونجح هذا الحاكم الجديد من استعادة حماة في أول شهر شوال عام 527 هـ/شهر اب عام 1133م(1) مستغلاً انهماك عماد الدين زنكي بمشاكله مع الخلافة العباسية، والسلطنة السلجوقية.
غير أن إسماعيل لم يلبث أن أساء السيرة، وبالغ في ظلم الأهالي، ومصادرة أموالهم، كما أسرف في التخلص من معارضيه؛ حتى أضحى كل شخص يخشى على حياته، فاضطربت أحوال دمشق، وتألَّب الجميع عليه(2)، وكان قد أدرك إصرار عماد الدين زنكي على مهاجمة دمشق، وصعوبة الصمود بوجهه، والنقمة تحيطه من كل مكان، وقرر القيام بمناورة استهدف من ورائها كسب زنكي إلى جانبه ضدَّ خصومه الدمشقيين، فكاتبه عام 529 هـ يطلب منه القدوم إلى دمشق لتسليمها إياه طوعاً، وشرط عليه ـ لقاء ذلك ـ أن يمكنه من الانتقام من خصومه، وأبلغه: أنه إن لم يسرع بتلبية طلبه؛ قام باستدعاء الصليبيين، وسلمهم دمشق، وكان إثم المسلمين في عنق زنكي. ثم ما لبث إسماعيل أن شرع بنقل أمواله، وممتلكاته إلى صرخد استعداداً لتسليم دمشق لأمير الموصل. غير أن كبار أمراء دمشق وقادتها أوضحوا لوالدته ـ ذات النفوذ الكبير في الإمارة ـ العواقب الوخيمة التي ستجرها عليهم سياسة ابنها الرعناء فأسرعت بتدبير قتله، وأجلست مكانه في الحكم أخاه شهاب الدين محمود حيث بايعه الناس(3).
كان عماد الدين زنكي آنذاك قد خرج من الموصل، وعبر الفرات في طريقه إلى دمشق، وعندما بلغته أنباء التغييرات التي حصلت؛ لم يقطع أمله في إيجاد وسيلة التفاهم مع الحكام الجدد، لذلك واصل سيره حتى بلغ أرباض المدينة، وأرسل رسولاً إلى حكامها للتفاوض بشأن شروط التسليم اعتقاداً منه بعدم قدرتهم على المقاومة(4).
مراجع الحلقة الخمسون:
( ) ذيل تاريخ دمشق نقلاً عن تاريخ الزنكيين ص 117.
(2) المصدر نفسه.
(3) الكامل في التاريخ نقلاً عن عماد الدين زنكي ص 121.
(4) تاريخ الزنكيين في الموصل وبلاد الشام ص 118.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي