(تجدُّد الغارات على حمص)
من كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الحلقة: 52
بقلم: د. علي محمد الصلابي
ربيع الأول 1444 ه/ أكتوبر 2022م
تمكَّن عماد الدين أثناء عودته إلى حلب بعد أن فكَّ الحصار عن دمشق من إعادة ضمِّ حماة إلى أملاكه، كما هاجم حمص، إلا أنه فشل في دخولها(1)، ويبدو: أن هذه المدينة ظلت طيلة السنوات الثلاثة التالية (530 ـ 532 هـ/1135 ـ 1137 م) عرضة لهجماته؛ إذ شهد عام 530 هـ/1135 م محاولة أخرى لضمها، فوجد قريش بن جبرخان نفسه عاجزاً عن صدِّه، فاستنجد بشهاب الدين محمود صاحب دمشق يلتمس منه إرسال من يراه كفؤاً لتولي شؤون الحكم فيها على أن يعوِّضه عنها بإحدى مدن إمارته، وافق حاكم دمشق على هذا العرض الذي يتيح له ضمّ مدينة كبيرة وهامة كحمص إلى إمارته، فتسلَّمها في شهر ربيع أول عام 530 هـ/شهر كانون الأول عام 1135 م وأقطعها معين أنر (2).
لم يركن الزنكيُّون إلى الهدوء، وتابعوا شن الغارات على حمص بقيادة سوار بن أيتكين، غير أن المدينة صمدت، وانتعشت بما كان يدخلها من الميرة والأقوات، فاضطر سوار إلى طلب التفاوض، واستقرَّ الصلح بين الطرفين على قاعدة عدم تعرض أي منهما للطرف الآخر(3). آمن عماد الدين زنكي دائماً بأن قيام الجبهة الإسلامية المتحدة في بلاد الشام يجب أن يسبق أية خطوة عملية يتخذها ضدَّ الصليبيين، فرفض من هذا المنطلق إقرار الهدنة التي عقدها نائبه في حلب، وجدَّد الهجوم على حمص في شهر شعبان عام 531 هـ/شهر أيار عام 1137 م إلا أنه فشل في اقتحامها بسبب المقاومة الشديدة التي أبداها معين الدين أنر من جهة، وظهور بوادر تحالف خطير بين الزعماء الصليبيين من جهةٍ أخرى؛ إذ قام فولك أنجو، ملك بيت المقدس، برفقة ريموند الثاني، أمير طرابلس، بنجدة المدينة(4).
مراجع الحلقة الثانية والخمسون:
(1) زبدة حلب (2/451 ـ 452) تاريخ الزنكيين ص 119.
(2) تاريخ الزنكيين في الموصل ص 120.
(3) المصدر نفسه ص 120.
(4) المصدر نفسه ص 120.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي