مكانة المعابد في بلاد الرافدين (العراق)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 11
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
كان للمعابد مكانة مهمة عند سكان بلاد الرافدين، وذلك كغيرهم من الأقوام الكنعانية والمصرية، إذ يمثل المعبد مركز الحياة الدينية والمدنية من الناحية الدينية؛ لأنَّ المعبد في نظر سكان بلاد النهرين وغيرهم من الشعوب القديمة يُعدُّ أقدس مكان؛ وذلك لاعتقادهم أنَّ المعبد مقرٌّ للإله، يعيش فيه ويسكن مع زوجته وأولاده وحاشيته وخدمه.
أما من الناحية المدنية، فكان المعبد مركزاً للقضاء والقضاة، كما تودع فيه الأمانات ويحفظ بها سجلات العلوم والآداب والكتب الملكية، لذا حرص سكان بلاد النهرين على بناء المعابد في وسط المدينة وكان لهم طقوس عند إرساء أساس المعبد وذلك بوضع ودائع تحوي صوراً واقية وطلاسم تدفع أرواح الشر عن المعبد على حسب اعتقادهم، وكانت المعابد نوعان:
1- المعبد الأرضي:
كان الهدف من بنائه أن يسكن فيه الإله، حيث كانوا يعتقدون أن الإله يعيش بين الناس يستمع إلى شكاواهم وينصت إلى صلواتهم ويتقبل قرابينهم.(1)
يقول ول ديورانت: "وكانت كثرة الآلهة تسكن المعابد حيث يقرب لها المؤمنون القرابين من مال وأزواج وطعام، مثل البلح والتين والخيار والزبد والزيت والكعك، وكذلك المعز والضأن واليمام والدجاج والبط".(2)
2-المعبد العالي:
يتكون من ثلاث أو أربع طبقات، ويحيط بها من الخارج طريق صاعدة ترتفع تدريجياً في كل دورة حتى تصل إلى المذبح الذي يُقام في أعلاها، وكان الهدف من بناء المعابد المرتفعة؛ لاعتقادهم أن الإله يهبط من السماء إليها، ويستريح عند نزوله من السماء إلى الأرض.
وكان لكل مدينة معبداً فضلاً عن المدن الكبرى، إذ كان في المدينة أكثر من معبد بالإضافة إلى الأبراج العالية، ومن المعابد التي شيدت معبد الإله "إنليل"، ومعبد "الزهرة"، ومعبد "سين" إله القمر، ومعبد "شماش" إله الشمس، وغيرها من المعابد الأخرى.
هذه بعض من جوانب الحياة الدينية في أرض النهرين في عصر إبراهيم - عليه السّلام -، وهي تُشابه إلى حد كبير ما كانت عليه الحياة الدينية في أرض الشام ومصر وسائر أنحاء الجزيرة العربية، إذ إن القمر والشمس والزهرة وسائر مظاهر الطبيعة كانت معبودات في العراق، وفي الشام ومصر وسائر أنحاء الجزيرة العربية (3)
مراجع الحلقة الحادية عشر:
(( مصر والشرق الأدنى القديم "سورية الفينيقيون والكنعانيون الإسرائيليون والفلسطينيون الأراميون"، نجيب ميخائيل إبراهيم، ، (6/164).
(2) قصة الحضارة، ول ديورانت، (2/29)
(3) إبراهيم عليه السلام في أسفار اليهود "عرض ونقد"، فاطمة بنت خالد ردمان، ص63
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي