تأملات في الآية الكريمة: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ}
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 93
بقلم: الدكتور علي محمد الصلابي
26 صفر 1444ه / 22 سبتمبر 2022م
وبدأت المحاكمة العلنية لبطل عملية تحطيم الأصنام إبراهيم - عليه السّلام -، وقد تجاوز السياق أسئلة التحقيق، وركز على السؤال الأهم ألا وهو الهدف من التحقيق بخلاف أسئلة المحققين اليوم، يعطيك مئة سؤال ليحصل على جواب سؤال واحد يضعه بينها.وقد قالوا بإيجاز: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ} ]الأنبياء:62[.
إنَّه سؤال فيه إنكار شديد ووعيد لإبراهيم - عليه السّلام -، وكلامهم يقطر حقداً وغيظاً على إبراهيم؛ لأنه حطم أصنامهم بصورة بشعة، وأصابهم في أقدس ما يعتقدونه من عقائد زائفة ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، فهذه العملية الجريئة هزت كيانهم جميعاً على المستويات كافة، ولاحظ تجديد اسم إبراهيم في سؤالهم الإنكاري أثناء المحاكمة فيه إشارة إلى أن لديهم قناعة أن إبراهيم هو الذي حطم الأصنام، وهم مصرّون على هذه القناعة بدليل قولهم: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، وهذا التحديد منهم بالاسم دليل على قناعتهم بالقرائن التي تؤكد أن إبراهيم هو الذي حطم الأصنام.
وترك إبراهيم - عليه السّلام - كبير الأصنام سالماً دون تحطيم؛ ليسألوه عما حدث لبقية الأصنام، ويجيب إبراهيم - عليه السّلام - وكله ثقة ويقين على أنه الحق المبين لا ترهبه هذه الجماهير الهائجة التي تنادي بموته، ولا ترهبه هذه المحاكم الميدانية التي تحاطّ بهالة من استعراض القوة والبطش والإرهاب، ولا ترهبه هذه القيود والسلاسل الحديدية التي أوثقوه بها، وكأنه مجرب حرب، فيجيبهم إبراهيم - عليه السّلام - بالإضراب عن سؤالهم وردِّ التهمة عنه باتهام كبير الأصنام بأنه عمل هذا وطلب شهادة الأصنام المحطمة على ذلك (1).
مراجع الحلقة الثالثة والتسعون:
(1) قصة إبراهيم في القرآن الكريم، إسحاق محمد حمدان البدارين، ص88.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي