إشراقات قرآنية: سورة الفلق
الحلقة 186
بقلم: د. سلمان بن فهد العودة
صفر 1442 هــ / سبتمبر 2021
* تسمية السورة:
لها أسماء عديدة، من أشهرها:
«سورة الفلق»، وهكذا هي في المصاحف، وكتب التفسير.
وسماها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث: «سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق}».
فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: «ألم تَرَ آياتٍ أُنزلت الليلةَ، لم يُرَ مثلُهُنَّ قطُّ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس}».
وعنه رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: «لن تقرأَ شيئًا أبلغَ عند الله من: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس}».
وبذلك سمَّاها بعض المفسرين والمحدِّثين والأئمة في كتبهم.
وتسمَّى مع {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس} بـ«المعوِّذتين».
ورد ذلك في بعض طرق حديث عقبة رضي الله عنه المتقدِّم، وعلى لسان بعض الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن المسلم يتعوَّذ بهما.
وتُسمَّيان مع {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} بـ«المعوِّذات». ورد ذلك في غير حديث، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نَفَثَ على نفسه بالمعوِّذات، وكان إذا مرض أحدٌ من أهله نفثَ عليه بالمعوِّذات.
* عدد آياتها: خمس آيات بلا خلاف.
* توقيت نزولها وسببه:
الجمهور على أنها نزلت في مكة، وهو الأصح عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما رواه كُريب وغيره، وهو قول الحسن وعطاء.
وقال قتادة وجماعة- وهو رواية عن ابن عباس رضي الله عنها-: إنها نزلت بالمدينة.
* وأما سبب نزول السورة: فالمشهور أنها نزلت بسبب سحر لَبِيد بن الأَعْصم اليهودي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها، أن لَبِيد بن الأَعْصم سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم في مُشْط ومُشَاطة- والـمُشَاطة هي: الشعر المجتمع- فوضعها في جُفِّ طَلْعةِ ذكرٍ- أي: في الغلاف الذي يكون فيه طلع النخل- ثم وضعها في بئر بالمدينة يُقال له: بئر ذَرْوَانَ، أو: ذي أَرْوان، وتأثر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بهذا السحر تأثرًا ظاهرًا في أشياء معينة كان يلاحظها أزواجه وأهل بيته القريبون منه، دون أن يؤثر ذلك في أمر آخر وراء هذا، ولم يلاحظ الناسُ عليه صلى الله عليه وسلم من هذا شيئًا، ثم نزل جبريلُ عليه السلام ونزل معه مَلَكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما به؟ قال: مَطْبُوبٌ. ثم قرأ عليه هذه السورة، فشُفِي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعث عليًّا وأمره أن يردم هذا البئر والقَلِيب الذي وجد فيه السِّحر، فقالت عائشة رضي الله عنها: أفلا أحرقته؟ يعني: إخراج السحر وإحراقه، فقال: «لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهتُ أن أُثيرَ على الناس شرًّا».
وهذا يحتمل أن يكون سببًا لنزول السورة، وعليه تكون السورة مدنية، ويحتمل أَلَّا يكون هو سبب نزولها، وإنما تكون السورة نزلت قبل ذلك بمكة، كما هو في المصاحف وغيرها، وهو قول جمهور المفسرين كما ذكرنا، فنزل الملَكَ بقراءتها على النبي صلى الله عليه وسلم لبيان أنها رُقية.
ولذا رُوي أنها نزلت لما ندبت قريش رجلًا منها مشهورًا بالإصابة بالعين؛ ليلحظ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ويعينه.
سلسلة كتب:
إشراقات قرآنية (4 أجزاء)
للدكتور سلمان العودة
متوفرة الآن على موقع الدكتور علي محمَّد الصَّلابي: