إشراقات قرآنية: سورة المَسَد
الحلقة 179
بقلم: د. سلمان بن فهد العودة
محرم 1442 هــ / سبتمبر 2021
* {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَب}:
إما أن يكون المقصود بماله: ما ورثه عن آبائه وأجداده، وما كسب: ما كسبه بجهده وعرقه؛ لأنه كان يفتخر، ويقول: لو بُعِث الناس فسوف أفتدي نفسي بمالي وولدي، فرد الله تعالى عليه ذلك.
أو يكون المقصود بالكسب ما هو أوسع من المال؛ لأن الولد من الكسب، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إن أطيبَ ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادَكم من كسبكم». ومن الكسب: الجاه والمجد والسُّمعة.
فأما المال، فقد صار للوارث، وأما الكسب، فقد تبرؤوا منه، ولم يكن يشرِّفهم أن يقولوا: نحن أولاد أبي لهب، وكانوا يتمنون أن يكون لهم اسم غير هذا الاسم، وأن يكون لأبيهم غير هذا المصير، وهذا في الدنيا، وأما في الآخرة، فلا ينفعه عمل ولا شفاعة ولا قرابة، حتى الذين أسلموا من أولاده لا ينفعه إيمانهم.
* {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَب}:
عبَّر بالسين؛ دلالة على القرب، فالوعد قريب، والدنيا قصيرة.
والصَّلْي هو: الشَّي، أي: يُشوى بالنار؛ لأنه صاحب رسالة إلحاد وكفر، وصد عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي أيام المواسم كان أكثرهم شرفًا وجاهًا وأطولهم نارًا، يَصْطَلي حولها، وحوله الأكابر من زعماء قريش وزعماء العرب الذين يحضرون هذه المناسبات، وهو يخشى أن يتسرب إليهم شيء من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فيرميه بالكذب والجنون وغيرهما، فتوعَّده الله تعالى بنار الآخرة، ووصفها بـ{ذَاتَ لَهَب} تناسبًا مع كنيته التي كان يفتخر بها.
سلسلة كتب:
إشراقات قرآنية (4 أجزاء)
للدكتور سلمان العودة
متوفرة الآن على موقع الدكتور علي محمَّد الصَّلابي:
http://alsallabi.com/books/7