الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

من كتاب إشراقات قرآنية بعنوان: 

سورة النصر
الحلقة 172
بقلم: د. سلمان بن فهد العودة
ذو القعدة 1442 هــ / أغسطس 2021

* تسمية السورة:
للسورة تسميتان:
«سورة النصر»، وهو المشهور.
و«سورة الفتح»، والأول أغلب، وتسميتها بـ«الفتح» يُحدث لبسًا مع «سورة {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}».
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يسميها: «سورة التوديع»؛ لأنها إيذان بقرب أجل الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أدَّى الرسالة وبلَّغ الأمانة وأكمل الله به الدين ودخل الناسُ في دينه أفواجًا.
وهكذا فهم ابن عباس رضي الله عنهما- كما في «صحيح البخاري»- قال: كان عمرُ يُدْخلُني مع أَشْياخ بدر، فقال بعضُهم: لِمَ تُدْخِلُ هذا الفتى معنا ولنا أبناءٌ مثلُه؟ فقال: «إنه مِمَّن قد علمتم». قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، وما رُئِيتُهُ دعاني يومئذ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ منِّي،، فقال لهم: «ما تقولون في: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}». حتى ختم السورة؟ فقال بعضُهم: أُمرنا أن نحمدَ اللهَ ونستغفرَه إذا نُصرنا وفُتح علينا. وقال بعضُهم: لا ندري. أو لم يقل بعضُهم شيئًا. فقال لي: «يا ابنَ عباس، أكذاك تقولُ؟». قلتُ: لا. قال: «فما تقولُ؟». قلتُ: هو أَجَلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه اللهُ له: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح}: فتح مكة، فذاك علامة أَجلِكَ، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}. فقال عمر: «ما أعلمُ منها إلا ما تعلمُ».
وليس في السورة تصريح بأَجَل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فيها البشارة بالفتح والنصر ودخول الناس في الدين، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسبيح والاستغفار، لكن الفقيه الفطن يدرك أن كمال الأمر له ما بعده، كما قيل:
إذا تمَّ شيءٌ بدا نقصُهُ * ترقَّب زوالًا إذا قيل: تَمْ
فمن وراء ذلك إشعار باقتراب أجل الرسول صلى الله عليه وسلم وتمام مهمته.
 * عدد آياتها: ثلاث آيات، وهي إحدى أقصر ثلاث سور في القرآن الكريم؛ مع «العصر»، و«الكوثر»، إلا أن فيها من المعاني ما يُعجز البلغاء.
 * توقيت نزولها: هي مدنية بالاتفاق، بل هي من أواخر سور القرآن الكريم نزولًا، وهي آخر سورة نزلت كاملة، كما قال كثير من المفسرين.
ولكن اختلف في وقت النزول، فبعضهم يقول: في السنة السابعة، وعلى هذا تكون قبل فتح مكة؛ لأنه كان في السنة الثامنة.
وقيل: كانت بعد الفتح، وهو الأظهر، وقبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بوقت يتراوح بين سنتين إلى بضعة أشهر.

سلسلة كتب:
إشراقات قرآنية (4 أجزاء)
للدكتور سلمان العودة
متوفرة الآن على موقع الدكتور علي محمَّد الصَّلابي: 
http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022