السبت

1446-06-27

|

2024-12-28

النبي الرحمة صلى الله عليه وسلم (3)

الحلقة الحادية والثمانون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

جُمَادَى الآخِرَة 1443 هــ / يناير 2022

- إنها النبوة:

يا للعجب! يا للعظمة! يا للنبوة! يفعل هذا بمَن؟! انظر تاريخ هذا الرجل.. اقرأ سجله وسيرته الذاتية.. إنها مواقف سوداء كالليل المظلم: ﴿لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﴾ [المنافقون: 7].. ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون: 8].. (إليك عني، والله لقد آذني نتن حمارك).

بل أشد من ذلك كله أن يصل الأمر إلى العرض حينما يشيع هو ومجموعة من الناس معه قالة السوء والإفك عن عائشة رضي الله عنها ربيبة بيت النبوة، فينتشر ذلك في المجتمع المدني، ويظل بيت النبوة شهرًا يعاني الآلام المريرة الطويلة، حتى نزل الوحي في صدر سورة النور، وقد كان عبد الله بن أُبي سيد هذه المقالة وزعيم هذه الفرية..

مع ذلك كله كان للقلب النبوي الكبير من التسامح الهائل الذي أقطع قطعًا أنه لا يمكن أن يفعله بشر من الملوك أو العلماء، بل كل أصناف الناس تقف مقاماتهم ومصالحهم دون أن يصلوا إلى هذا المستوى النبوي الكريم بعفويته وصدقه وعظمته التي لا تضاهى ولا تجارى.

نبي ينسى ذلك كله، ثم يفعل مع الرجل ما فعل.. ويصلِّي عليه ويستغفر له، ويلبسه قميصه، ويدخله في قبره صلى الله عليه وسلم.

بمثل هذه القوة الهائلة التي يعجز عنها أشداء الرجال استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم هذه الملة، ويوحد هذه الأمة، وأن يكون له الذكر الحسن في العالمين.

هذا أُنموذج واحد فحسب للقيادات التي حاربت النبي صلى الله عليه وسلم ومكرت به، وكانت تتعامل معه في الخفاء.. بالدس.. والفرية والإفك، وتطعن في الظهر، وتستخدم أخس وأحط الوسائل.

لم يكن هذا الرجل مسلمًا أبدًا، وحتى في مرض موته لم تبدُ منه أي علامة على الإسلام، لقد جاءه النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرض موته وكان طامعًا في هدايته ولم ييئس منه أبدًا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ». فاليهود هم الذين صنعوا حركة النفاق في المدينة وغذوها، وكانت هي الذراع الخفية التي يحاولون من خلالها أن يضربوا الإسلام ويمزقوا وحدته، ويخترقوا الصف الإسلامي.

أتاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرض موته فقال له: «كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ». فيقول له: قد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه.

لم يكن الرجل يطمع في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه بالزلفى والقربى والرحمة؛ لأنه لم يكن مؤمنًا قط، ولم يكن في قلبه ذرة إيمان كما حكى عنه القرآن، ولذلك عاتب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم فيما بعد بقوله سبحانه: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: 84].

كتب الله عليه أنه كفر بالله ورسوله، ومات وهو كافر.

يهمنا من هذا.. الموقف النبوي العظيم، الذي يقف عنده الخيال ويعجز العقل وتتعطل الملكات والقوى أمام هذا التسامح العظيم، وهذه الرحمة النبوية لقوم حاربوا الإسلام وكادوه أعظم الكيد.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022