الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

أمسك عليك لسانك (4)

الحلقة 113 من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

رجب 1443 هــ / فبراير 2022

- لا تتدخل في الآخرة:

المعنى الثاني: «لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ؛ فإنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إلَى مَا قَدَّمُوا» يعني: قدموا إلى الله تعالى الذي عنده تبلى السرائر، وعنده الجزاء والحساب، وبيده الجنة والنار، وهو الذي يعاقب ويحاسب ويجازي، ويعطي كل عامل عمله، فلا تجعل نفسك في مقام الألوهية أحيانًا فتحكم على الناس؛ بأن هذا في الجنة وهذا في النار، وقد رأيت بعيني في بعض المواقع الإلكترونية على سبيل المثال من قوم قد يظنون أنفسهم صالحين، بل قد يحسبون أنفسهم من المؤمنين والدعاة، عندما يموت بعض المسلمين المخالفين يكتبون عنه: (فلان مات، فإلى جهنم وبئس المصير). سبحان الله! أما يخشى العبد أن هذه الكلمة توبق دنياه وآخرته، وتحبط عمله عند الله، وأن يقول الله عز وجل: «قَدْ غَفَرْتُ له وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ».

- الموضوع وليس الشخص:

ما الذي يجعل الإنسان يتعاظم ويتكبر ويستعلي، ويظن نفسه التقي النقي، وأن الآخرين هم الفاجرون المنحرفون الضالون، ألم تسمع قول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ۝ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ۝ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ۝ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّون۝ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ۝﴾ [المطففين: 29-33]

. لست بحافظ عليهم ولست مكلفًا ومسؤولًا عنهم، فدعهم لربهم سبحانه وتعالى.

وهناك أمر آخر مهم جدًّا؛ أنه قد يتناول الإنسان بعض الموتى؛ لأن هناك ضرورة معينة؛ لأن بعض الموتى وإن كانوا في أجداثهم إلا أنهم أحياء في أعمالهم وآثارهم، سواءً كانت سيئة أو جيدة، فهنا الحديث عن فعل لا يزال باقيًا مؤثرًا في الناس من سلوك أو عمل، أو موقف سياسي، أو موقف علمي يتم تناوله بذاته، وليس في ذلك من بأس، إنما المنهي عنه تناول الأموات بأشخاصهم وأعيانهم وأحوالهم الخاصة، أما أن نتناول بعض الأمور من منطلق تأثيرها في واقعنا وفي حياتنا فهذا باب آخر؛ لأنه ليس المقصود أن نغلق الحديث عن التجارب التي تعيشها الأمة، أو تعيشها الدول أو الأفراد أو الجماعات في سياستها.. في اقتصادها.. في علمها.. في تعليمها.. في مواقفها الخاصة والعامة، والتي هي من صناعة أفراد، فتناولهم من هذا المنطلق ليس به بأس، لكن بعيدًا عن اللغة التي تعتمد على الاستهداف الشخصي، فإن الإنسان كلما ترقى في الإيمان ترقى في القيم والأخلاق التي تحكم أقواله وأعماله.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022