إنا أعطيناك الكوثر(2)
الحلقة 119 من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
رجب 1443 هــ / مارس 2022
- المواهب الإلهية:
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر: 1] يسبك هؤلاء ويعيرونك؛ لأن أولادك الذكور يموتون، وهذه سنة الله تعالى، فلا يعير أحد بأمر قدري كوني، بل هذا من حكمة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، عاشت بناته الطيبات الطاهرات، أما أولاده الذكور فقد كانوا يموتون صغارًا، ويعاني صلى الله عليه وسلم من فقدهم ما يعاني، ولا يقول إلا ما يرضي الله عز وجل، وإن كان مرجل الحزن في قلبه يغلي على فراقهم، عيروه بذلك صلى الله عليه وسلم، فعوضه ربه وأعطاه، فأجزل له العطاء وهو الكريم جل وتعالى، يقول له سبحانه: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾. فمصدر العطاء هو الله سبحانه وتعالى بعظمته وكبريائه، وإذا كان الناس يقولون دائمًا: إن الهدية على قدر مهديها. فكيف تظن بهبةٍ اللهُ عز وجل واهبها؟ ولهذا يستهل الخطاب بهذا المعنى العظيم، والنبي صلى الله عليه وسلم أعرف الناس بربه جل وتعالى، فإذا قيل له: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾. فإنه يعلم أنها عطية عظيمة وتشريف كبير قبل أن يعرف ما العطية، وأن الله تعالى ذَكَرَه في الملأ الأعلى، وخصه بما لم يخص به أحدًا من خلقه سواه على الإطلاق.
لقد عبر ربنا جل وعز بقوله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾ ولم يقل: آتيناك، فلفظ الإيتاء يدل على معنى عام، فقد يؤتى ما هو له خاصة، وقد يؤتى ما هو لغيره، كما قال سبحانه:﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87]. لكن حينما يقول: ﴿أَعْطَيْنَاكَ﴾. تُعلم أنها عطية خاصة له صلى الله عليه وسلم، وأن أثرها على أمته هو من جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي