إنا أعطيناك الكوثر(1)
الحلقة 118 من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
رجب 1443 هــ / فبراير 2022
عطاء.. حتى ترضى:
يقول تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: 1-3].
وقف العاص بن وائل وجماعة من كفار قريش يتأملون النبي صلى الله عليه وسلم وهو في فناء الكعبة يعبد ربه، وتذكروا دعوته فقال بعضهم لبعض: لقد فرَّق جمعنا وشتَّت شملنا، وأتانا بما لم يأت به الأولون. فجعل بعضهم يعزِّي بعضًا، وكان من ذلك أن قال لهم العاص بن وائل: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره.
لقد تألَّم النبي صلى الله عليه وسلم لمثل هذه الإفاضة في الحديث، فقال له ربه يسليه ويعزيه: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر: 1-3].
والناظر اليوم بعد هذه السنين المتطاولة إلى العاص بن وائل وغيره: مَن يعرفهم؟ مَن يعرف اسم أبي جهل؟ مَن يفتخر بالانتماء لأبي جهل؟ لكن مَن الذي يجهل اسم محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَذِكْرُهُ * أغَارَ لَعَمْرِي فِي الْبِلادِ وَأنْـجَدَا
اسمه على كل لسان، وذكره في كل قلب، أحبه الصديق وهابه العدو، وصار اسمه مقرونًا باسم الله تعالى:
وَضَمَّ الإلهُ اسمَ النَّبِيِّ إلَى اسْمِهِ * إذَا قَالَ فِي الْخَمْسِ الْمُؤذِّنُ أَشْهَدُ
وَشَــقَّ لَه مِــن اسْمِهِ لِـيُـجـلَّـهُ * فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وهَذَا مُحَمَّـدُ
فإذا ذُكِر الله ذُكِر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالشهادتان هما مدخل الإسلام، والأذان فيه ذكر الشهادتين، والحياة كلها مبنية على طاعة الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد عده المنصفون من غير أتباعه أعظم المئة الأوائل المؤثِّرين في التاريخ، ولَعَمْر الله إن هذا جزء من الحقيقة، فهو أعظم صناع التاريخ والحياة صلى الله عليه وسلم، وما طرق هذا الكوكب الأرضي منذ خلق آدم عليه الصلاة والسلام وأهبط إلى الأرض وعاشت البشرية وانتشرت إلى اليوم وإلى نهاية التاريخ شخص في عظمة محمد صلى الله عليه وسلم، عظمة الأخلاق.. عظمة العقل.. عظمة القلب.. عظمة الشخصية.. عظمة التأثير، وقبل ذلك عظمة النبوة والوحي والكتاب المنزل على قلبه صلى الله عليه وسلم: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: 124].
لقد اختاره الله تعالى فهو خيار من خيار، وجعله خاتم الرسل وخاتم النبيين، فبأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، نسأله سبحانه أن يحشرنا في زمرته ويوردنا حوضه.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي