الخميس

1446-06-25

|

2024-12-26

ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا (3)

الحلقة 126 من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

تاريخ النشر: شعبان 1443 هــ / مارس 2022

البائس الوحيد:

نعم، هو الوحيد الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى لا نستطيع أن نتجاوزه في أن نقول: إن نبيًّا في عظمته صلى الله عليه وسلم لم يقتل طيلة عمره إلا رجلًا واحدًا.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الأمر وقد أجاد وأصاب: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل إلا رجلًا واحدًا، وكثرة القتل لا يمدح بها، فإنه لا يمدح ملك ولا حاكم ولا أمير ولا قائد جيش ولا نبي بكثرة مَن قتله، وإنما يمدح بكثرة مَن أحياه.

فالنبي صلى الله عليه وسلم أحيا الله به أممًا من الناس، أحياهم من الجهالة والضلالة والظلم والضياع، وجعل لحياتهم معنى، وجدد إنسانيتهم وإيمانهم، فأصبحوا قادة وأئمة، كما قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا﴾ [القصص: 83]. وقال: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص: 5].

فالنبي صلى الله عليه وسلم يمدح بكثرة مَن أحياهم وليس بكثرة مَن قتل، وفي هذا رد على ما في بعض دوائر الإعلام الغربي، من وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه الرجل السفاك القتال المتعطش للدماء، بينما لم يقتل في حياته كلها إلا شخصًا واحدًا، جاء يهدد ويزمجر ويتوعد بأنه سوف يقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما كثرة من أحياهم فلا تسأل عن عددهم.يقول تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 27]. فالإنسان حينما يغضب أو ينفعل أو يندم قد يعض إصبعه إبهامه أو السبابة.

بينما الآيات تتحدث عن رجل يعض يديه، فيعض هذه اليد مرة، ويعض الأخرى مرة أخرى، وليس فقط إصبعه، وهو يفعل ويقول: ﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ۝ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ۝ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ [الفرقان: 27-29].

إذًا: هما اثنتان، فهو يتمنى أنه اتبع سبيل الرسول، وأنه أحسن اختيار الصديق الصالح الذي يعينه على الخير.

إذًا: يجب أن نختار الصديق الصالح الذي هو عون على الطاعة.

وهنا أمر مهم، وهو أن الرجل كان يتحسر على صداقة أصدقاء السوء: ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾ [الفرقان: 28]. وكم من إنسان تحرك في قلبه إيمان أو همة فاضلة، فكان أصدقاء السوء هم السبب في حرمانه من ذلك، فاختر صديقك؛ فإنه يكتب معك حاضرك ومستقبلك.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022