(مالك بن أنس إمام دار الهجرة)
اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
الحلقة:الواحدة و الأربعون
ذو الحجة 1443ه/ يوليو 2022م
أحدُ العلماء العظام، والأئمة الأعلام، انتشر علمه في الآفاق، وذاع صِيته في كل رُوَاق، وأحد الذين كتب الله تعالى لمذهبهم البقاء وحسن القبول، ومن خيرة الصالحين الذين تتنزل عند ذكرهم الرحمات.
مولد وبشارة:
الإمام الفذ الحجة مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأَصْبَحي المدني، وُلد عام (93هـ)، وهي السنة التي مات فيها أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جاء في حديث رواه أهل «السنن»، وأحمد، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يُوشِكُ أن يضربَ الناسُ أكبادَ الإبل يطلبون العلمَ، فلا يجدون أحدًا أعلمَ من عالم المدينة».
حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وقال الذهبي: «هذا حديث نظيف الإسناد، غريب المتن».
وقد حمل طائفةٌ من أهل العلم- كابن عُيينة وابن جُريج- الحديث على الإمام مالك، وأنه المقصود ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم، ولعَمْرُ الحق إنه لخَلِيق بذلك؛ لعدالته وإمامته وسيادته.
علم وشهادة:
روَى الإمام مالك عن كثير من التابعين يعدُّون بالمئين، يقول عنه الإمام الشافعيُّ: «إذا جاء الأثر، كان مالك كالنَّجْم».
ويقول عنه ابنُ مَعِين: «كان مالك من حُجج الله على خلقه».
وأخذ عنه الحديث أُمم من الناس، وكتابه العظيم «الموطَّأ» هو كما قال الشافعيُّ: «ما أعلم في الأرض كتابًا في العلم أكثر صوابًا من كتاب مالك».
وإنما قال الشافعي هذه الكلمة إذ لم يكن «صحيح البخاري» و«صحيح مسلم» موجودين، فكان «الموطَّأ» أصح كتب الحديث، وإن كان فيه الحديث والأثر والفقه.
وقال الشافعيُّ: «مالك وابن عُيينة القرينان، لولاهما لذهب علم الحجاز».
وقال الشافعيُّ أيضًا: «إذا وجدتَ لمالك حديثًا صحيحًا، فَشُدَّ يديك به؛ فإنه حُجَّةٌ».
وقال سُفيان بن عُيينة: «مالكٌ إمامٌ».
وقال يحيى بن سعيد القطَّان، ويحيى بن مَعِين: «مالكٌ أميرُ المؤمنينَ في الحديث».
وقال ابن وهب: «لولا مالك لضللنا».
وقال أبو قُدامة عُبيد الله بن سعيد الحافظ: «كان مالك أحفظ أهل زمانه».
وكان فقيهًا، ملأ مذهبه الآفاق، وانتشر في المغرب والأندلس وكثير من بلاد أفريقيا، كمصر، والجزائر، وليبيا، وتونس، وموريتانيا، وبعض بلاد الشام واليمن والسودان، وبغداد والكوفة وبعض خُراسان، وبعض نواحي الجزيرة، كالأَحْساء وغيرها؛ ولا زال مذهبه أحد المذاهب الأربعة الشهيرة المتبوعة إلى يومنا هذا.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 85-83
يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي: