الخميس

1446-06-25

|

2024-12-26

(صفات الإمام أحمد بن حنبل)

اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

الحلقة: الثالثة والسبعون

محرم 1444ه/ أغسطس 2022م

كان أحمد في غاية التواضع، حسن الصورة، حسن الوجه، رَبْعةً بين الرجال، ليس بالطويل ولا بالقصير، وهو إلى الطول أميل، يَخْضِب بالحنَّاء، وفي لحيته شعرات سود بعد كِبَره، كان أسمر شديد السُّمرة، غليظ الثياب، إِلَّا أن ثيابه كانت بيضاء شديدة البياض.

قال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: «ما أعلمُ أنِّي رأيتُ أحدًا أنظفَ بدنًا، ولا أشدَّ تعاهدًا لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أَنْقى ثوبًا بشدَّة بياض من أحمد بن حنبل، كان ثيابه بين الثوبين، تَسْوَى مَلْحفته خمسةَ عَشَرَ درهمًا، وكان ثوبُ قميصه يُؤخذ بالدينار ونحوه، لم يكن له دِقَّةٌ تُنكر، ولا غِلَظٌ يُنكر، كانت مَلْحفته مُهذَّبة».

قال عباس بن الوليد النَّحْويُّ: «رأيتُ أحمد بن حنبل رجلًا حسن الوجه، رَبْعة من الرجال، يَخْضِب بالحنَّاء خضابًا ليس بالقَاني، في لحيته شعرات سود، ورأيتُ ثيابه غِلاظًا، إِلَّا أنها بيضًا، ورأيتُه معتمًّا وعليه إزار».

كم كان ببغداد ممن يعتم ويأتزر، لكن الرجل ينقل لنا صورة رآها لأحمد، لماذا؟

لأن الله كتب لأحمد خلود الذكر في الدنيا، فصار الناس يذكرون أدق التفاصيل عن حياته، حتى لقد نُقل عنه الصمت، سُئل عن كذا فسكت، سُئل عن فلان فحرك يده!.

كان معتدلًا في لباسه، يكره التكلُّف، ويميل إلى البَذَاذة والتواضع.

ولكنه كان نظيفًا في بدنه وثيابه، والنظافة لا تتطلَّب الكثير من المال، إنها الماء والسواك والطِّيب والمُشط!

وكان مهيبًا، حتى إن يزيد بن هارون، وكان إمامًا عالمًا محدِّثًا صاحب نكتة ودُعابة، وربما مزح مع مُسْتَمْلِيه، فتَنَحْنَحَ أحمدُ، فقال يزيد: «مَن المُتَنَحْنِح؟». فقيل له: أحمد بن حنبل. فضرب بيده على جبينه، وقال: «أَلَا أعلمتموني أن أحمد هاهنا حتى لا أمزح» .

وكان عند إسماعيل بن عُلَيَّة بعضُ طلبته، فضحك بعضهم، وثَمَّ أحمدُ، قالوا: فأتينا إسماعيل فوجدناه غضبان، فقال: «أتضحكون وعندي أحمد بن حنبل؟!».

بل قال أبو بكر المَرُّوذي: «قال جارنا فلانٌ: دخلتُ على إسحاق بن إبراهيم الأمير، وفلان وفلان (وذكر سلاطين) فما رأيتُ أهيبَ من أحمد بن حنبل، صرتُ إليه أكلمه في شيء، فوقعت عليَّ الرِّعْدة من هيبته».

لم ينه أحمد عن الابتسام والضحك في وقته، لكنه أخذ نفسه بشيء من الجدِّ والصَّرامة في مجالس العلم، وكان له طبعه الخاص الذي استجاب له بما تكفُلُه الشريعة، دون أن يُلزم به غيره، وبهذا يبدو الفرق بين طبع المرء وجِبِلَّته، وبين الشريعة الواسعة التي تُلائم طبعه وتُلائم طباع الآخرين.

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 150

يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي:

https://www.alsallabi.com/uploads/books/16527989340.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022