(الإمام أحمد بن حنبل والناس)
اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
الحلقة: الواحدة والثمانون
صفر 1444ه/ أغسطس 2022م
قال المَرُّوْذي: «قلتُ لأبي عبد الله: قال لي رجلٌ: من هنا إلى بلاد التُّرك يدعون لك، فكيف تؤدِّي شكر ما أنعم الله عليك وما بَثَّ لك في الناس؟ فقال: أسألُ الله أن لا يجعلنا مرائين».
قال المَرُّوْذي: «قلتُ لأبي عبد الله: قدم رجل من طَرَسُوس، فقال: كنا في بلاد الروم في الغزو إذا هدأ الليلُ رفعوا أصواتهم بالدعاء: ادعوا لأبي عبد الله، وكنا نَمُدُّ المِنْجَنيق ونرمي عن أبي عبد الله، ولقد رُمي عنه بحجر والعِلْجُ على الحصن متترِّسٌ بدَرَقَةٍ، فذهب برأسه وبالدرقة. قال: فتغيَّر وجه أبي عبد الله وقال: ليته لا يكون استدراجًا. قلتُ: كلا».
ولما ترك التحديث في آخر عمره، وجعل يقول: «أستخيرُ الله» مراتٍ. إني أعطي الله عهدًا، إنَّ عهده كان مسؤولًا، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1] إني لا أحدِّث بحديثٍ تَمَامٍ أبدًا حتى ألقى الله، ولا أستثني منكم أحدًا». وأَعْرَضَ عن الناس.
ما كان أحمد رحمه الله يرى أنه هو الإمام المبجَّل الذي اتَّسم بالورع حين خلَّط الناس، والتقوى حين فجر الناس، والتزم بالسنة حين خالفها الناس، وأنه وحيد زمانه وفريد أوانه، بل كان متواضعًا لا يرى لنفسه حقًّا ولا يرى نفسه فوق الناس.
وقال له إبراهيم الحصري- وكان رجلًا صالحًا-: «إن أمي رأت لك كذا وكذا. وذكرت الجنة. فقال له: يا أخي، إن سهل بن سلامة كان الناسُ يخبرونه بمثل هذا، وخرج إلى سفك الدماء. وقال: الرُّؤيا تَسرُّ المؤمنَ ولا تَغُرُّهُ».
وقال الذهبيُّ بعد حكايته بعض المنامات التي رُؤيت له: «وليس أبو عبد الله ممن يحتاج تقرير ولايته إلى منامات، ولكنها جندٌ من الله، تسرُّ المؤمن، ولا سيما إذا تواترت».
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 164-165
يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي: