تأملات في الآيتين الكريمتين:
{فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (*) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (*)}:
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 151
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الأول 1444ه/ ديسمبر 2022م
ومعنى راغ: ذهب خفية بحيث لا يراه أحد، وبسريّة تامّة وبسرعة؛ ليحقق ما نواه(1).
ودخل إبراهيم - عليه السّلام - على الأصنام في خفية عن القوم وسرعة لتحقيق المراد، فوجد طعام القوم أمامها، وأراد أن يسخر منها ومن عابديها، وبدا له أن "ينكّت" عليها وهي جمادات، لا تسمع ولا تعي ولا تتكلم ولا ترى ولا تدري ما يجري أمامها. فقال لها: كلوا وما أراد حقيقة دعوتها إلى الأكل؛ لأنه يعلم أنّها جامدة لا تأكل ولا تشرب، وإنما أراد أن يسخر منها وأن يضحك عليها، طبعاً لم تلبِ الأصنام دعوته، ولم تأكل من الطعام كما أنّها لم ترد عليه ولم تكلمه ولم تعتذر عن تلبية الدعوة، فقال: {مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ}؟ لماذا لم تردّوا عليّ؟ لماذا لا تكلموني؟ والحوار بينه وبين الأصنام هو حوار من طرف واحد؛ فهو يتكلم ويسأل، وهي أصنام جامدة، لا تسمع ولا تفهم ولا تجيب، وهو يعلم ذلك منها، وهو يحاورها لكنه أراد أن "يتسلّى" قبل أن يحطمها، أراد أن يسخر منها، وأن يضحك عليها.
وهذا الكلام منه لها قبل تحطيمها، يدل على تمتّعه بهدوء الأعصاب وصفاء النفس وإشراق الروح، فهو ليس متسرّعاً ولا متشنّجاً ولا خائفاً ولا متوتراً عند ذلك أقدم على خطوته التنفيذية الفعليّة(2).
مراجع الحلقة الواحدة والخمسون بعد المائة:
(1) القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، صلاح الخالدي، (1/347).
(2) القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، صلاح الخالدي، (1/348).
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي