الثلاثاء

1446-11-01

|

2025-4-29

تأملات في الآية الكريمة:

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 139

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ربيع الآخر 1444ه / نوفمبر 2022م

 

هذا الكفر هو جحود آيات الله الدالّة على عظمته، كالآيات الكونية التي تثبت قدرة الله وتلفت إلى حكمة الخالق عزّ وجل، كالليل والنهار والشمس والقمر أو آيات المعجزات التي تصاحب الرسل؛ ليؤيدهم الله بها ويظهر صدقهم في البلاغ عن الله، وكفروا بآيات القرآن الحاملة للأحكام، وقد كفروا بكل هذه الآيات، فلم يصدّقوا منها شيئاً، وما داموا قد كفروا بهذه الآيات وكفروا أيضاً بلقاء الله في الآخرة، فرحمة الله بعيدة عنهم، وهم يائسون منها، واليأس: قطع الرجاء من الأمر، وقد قطع رجاء الكافرين؛ لأنهم عبدوا ما لا ينفع ولا يضرّ، وكفروا بمن بيده النفع وبيده الضرّ(1).

وقد جعل الكفار موضوع الآخرة خارج حساباتهم، وإنما يريديون الدنيا، وقد يئسوا من رحمة الله وقنطوا من عطائه، فليس عندهم إلا الدنيا، فلذلك أقدموا على ما أقدموا عليه من الشرك والمعاصي؛ لأنّه ليس في قلوبهم ما يخوّفهم من عقابه ذلك، ولهذا قال: {أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} أي: فلذلك لم يعملوا سبباً واحداً يحصّلون به الرّحمة، وإلا فلو طمعوا في رحمته لعملوا لذلك أعمالاً(2).

ولا ييأس الإنسان من رحمة الله إلا حين يكفر قلبه، وينقطع ما بينه وبين ربّه، وكذلك هو لا يكفر إلا وقد يئس من اتصال قلبه بالله، وجفت نداوته، ولم يعد له إلى رحمة الله سبيل، والعاقبة معروفة: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(3)، أي: مؤلم موجع4).

وبعد هذا الخطاب المعترض في نهاية القصة الذي جاء خطاباً لكل منكر لدعوة الإيمان ولقوم إبراهيم ضمناً، يعود لبيان جواب قوم إبراهيم - عليه السّلام -، فيبدو هذا الجواب غريباً عجيباً، ويكشف عن تبجح الكفر والطغيان بما يملك من قوة وسلطان(5).

لقد عادت الآيات إلى الحديث عن ابتلاء إبراهيم - عليه السّلام -، فوصفت لنا كيف أدركته رحمة الله تعالى وحفّت به ألطافه، وهو في قمة المحنة والابتلاء؛ لأنّه جعل ولاءه لله وحده، فالله سبحانه لا يتخلى عن أصفيائه وأوليائه ولا يخذلهم(6).

 

مراجع الحلقة التاسعة والثلاثون بعد المائة:

(1) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (18/11123).

(2) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص1309.

(3) في ظلال القرآن، سيد قطب، (5/2731).

(4) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص1309.

(5) في ظلال القرآن، سيد قطب، (5/2731).

(6) التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم، (6/381).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022