الجمعة

1446-11-04

|

2025-5-2

تأملات في الآية الكريمة:

{وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 138

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ربيع الآخر 1444ه / نوفمبر 2022م

 

‌أ- {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}:

ليس لكم من قوة في هذا الوجود، تمتنعون بها من الانقلاب إلى الله تعالى لا من قوتكم في الأرض، ولا من قوة ما تعبدونه أحياناً من الملائكة وتحسبون له قوة في السماء(1).

إنّكم لن تفلتوا من الله تعالى، ولن تتأبّوا عليه حين يريدكم للوقوف بين يديه، بل تأتون صاغرين، فالهرب والإفلات من لقاء الله تعالى في الآخرة أمر غير وارد على الذهن أصلاً، ولذلك نفى عنهم الوصف من أساسه {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}(2).

‌ب- {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}:

أيّ ليس لكم من وليّ يغيثكم ويرعاكم ويمدّكم حتى تستغنوا عن فضل الله، وكلمة {وَلَا نَصِيرٍ} فيها معنى سلبي، وهو الحجز عن عذاب الله، فلا ولي ولا نصير، ولستم بمعجزين، والحبل مُرخى، فإذا آن الأوان شدّه الله عزّ وجل، فإذا أنتم في قبضته، فسبحان من قهر عباده بالموت(3).

وفي قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} حتى لا يقول قائل: إن كانوا هم غير معجزين، فقد يكون وراءهم من يعجز الله، أو وراءهم من يشفع لهم، أو يدافع عنهم، فنفى هذا أيضاً؛ لأنَّ الله سبحانه لا يُعجزه أحد، ولا يُعجزه شيء، فنفى عنهم الولي ونفى عنهم النصير؛ لأنَّ هناك فرقاً بينهما، الوليّ هو الذي يقرب منك بمودة وحبّ، وهذا يستطيع أن ينصرك لكن بالحسنى وبالسياسة، ويشفع لك إن احتجت إلى شفاعته، وأمّا النصير فهو الذي ينصرك بالقوة و"الفتونة"، وهكذا نفى عنهم القدرة على الإعجاز، ونفى عنهم الولي والنصير، لكن ذكر {مِنْ دُونِ اللَّهِ..} ]العنكبوت:22[ .

إذن من الممكن أن يكون لهم ولي ونصير من الله تعالى، فإن أرادوا الولي الحق والنصير الحق، فليؤمنوا بي فأنا وليّهم وأنا نصيرهم، وكأنه سبحانه يقول لهم: إن تبتم ورجعتم عما كنتم فيه من الكفر واعتذرتم عما كان منكم، فأنا وليّكم وأنا نصيركم(4).

 

مراجع الحلقة الثامنة والثلاثون بعد المائة:

(1) في ظلال القرآن، سيد قطب، (5/2731).

(2) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (18/11122).

(3) تفسير النابلسي "تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة"، (9/213).

(4) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (18/11123).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022