الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

إضاءات في باب الذرائع

اقتباسات من كتاب "فقه الحياة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

الحلقة: 33

 

أعني الموازنة بين إغلاق الذريعة تجنُّبًا للمَفْسدة، وبين فَتْحِها تحصيلًا للمصلحة: وبعض الغيورين يُتقِنون سدَّ الذريعة أكثر مما يُتْقِنون فَتَحَها، أي أنَّهم يُعْمِلون مبدأ الخوف أكثر مما يُعْمِلون مبدأ الثقة، وهذا دليل ضعف، فإنَّ الخوف علامة ضعف إذا غَلَب وتجاوز حدَّه.

ولا يصلح أن يقع الفقيه أسيرًا للمجتمع، فهو يتردَّد أو يُحْجِم حتى يرى الناس قد أقدموا، فإذا رأى الأمر استقرَّ وتعارف عليه الناس تقبَّله وسكت عنه.

إن الفقيه يجب أن يكون في الصفوف الأولى فَهْمًا وإدراكًا وشجاعة، مع رعاية جانب ما يحتمله الناس ولا يحتملونه، كما قال عليٌّ رضي الله عنه: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ».

إن مِن الموازنات المهمة الاعتدالَ في النظر بين إزالة ما هو موجود من الأخطاء العقديَّة أو الفكرية أو السلوكيَّة التي أفرزت حالة التخلُّف، أو أفرزتها حالة التخلُّف الإسلاميِّ، ولا سبيل للنهوض إلا بدحضها وإبعادها وتحرير الشخصيَّة الإسلاميَّة والعقل المسلم منها.. هذا من جانب..

وبين ضرورة الحفاظ على السكينة عند الناس وطول النَّفَس من جانب آخر؛ لئلا يُغَرِّد المصلح أو الداعية في السرب وحده، ويبتعد عن الناس، الذين هم مَحَلُّ التأثير.

وهذا فِقْهٌ دقيقٌ يحتاج إلى شُمُوليَّةِ النظرةِ، فليس المقصود بالناس هم خصوص الفئة المحيطة بك، ولكن عموم المستهدَفِين بالإصلاح.

والحراك العمليُّ يمنح الداعيةَ خبرةً أفضل في كيفية التعاطي الرشيد مع هذه المسألة؛ لئلا يقع في مقابل هذا في فخِّ الأسر للجماهير، ويصدق عليه المثل: أنا قائدُكم فدُلُّوني على الطريق!

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب"فقه الحياة" للشيخ سلمان العودة، صص 117-118


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022