(في مسألة الموازنة بين المصالح عند تعارضها)
اقتباسات من كتاب "فقه الحياة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
الحلقة: 28
إن عدم إمكان تحصيل المصالح كلها يدفع لإيختار الفرد أو المجتمع أرجحَها وأفضلَها، وقد حكى ابن تيمية الإجماع على أنَّ الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها، وتقليل المفاسد وتعطيلها، فيختار أحسن الحسنتين، قيل: ليس الفقيه مَن يعرف الخير مِن الشرِّ، لكن الفقيه مَن يعرف خيرَ الخيرين وشرَّ الشرَّين.
إنَّ مِن الموازنة بين المصالح الاشتغالَ بالقضايا الكبار التي عليها مدارُ صلاح الأُمَّة في دينها ودنياها، والاقتصاد في المسائل الفرعيَّة والجزئيَّة والتفصيليَّة دون إيغال فيها أو إلحاح عليها، فكم سَبَّبت مِن فرقة، وأزالت مِن وحدة، وصنعت مِن تحزُّب، وأهدرت مِن أوقات، وعَوَّقت عما هو أهمُّ منها وألزم.
وقد تجد الـمَفْتونَ بها يقول: لا مانع من أن نهتمُّ بهذا وبهذا! وكأنَّه نَسِيَ تَعَذُّر الجمع بين المصالح كلِّها، وأنَّ الوقت والقوة العقليَّة والنفسيَّة والبدنيَّة، لا تُسْعِف بمثل هذا..
تقبل أن يوجد في قرن ما حول مسائل فرعية ما يستوعب المسألة ويستقصيها، ولتكن مثلًا الصلاة في النعل؛ لكن أن يعاد إنتاج هذا البحث ذاته وطَرْقه وتحريره وعرضه، والجدل والخلاف حوله، ويكون مثارًا للفرقة ومقصداً للتصنيف، ومعيارًا للاتباع، ويطغى حتى على روح الصلاة ولُبِّها وهو الخشوع، فتتحوَّل العبادة إلى أداة للمنافَرة والتغاير..؛ فهذا يعود على الأصل المقصود بالإضعاف، والله المستعان!
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب"فقه الحياة" للشيخ سلمان العودة، صص 111