ما هي اللفتة العلمية في قوله تعالى: "كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ"؟
الحلقة الثامنة والستون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رجب 1441ه/مارس 2020م
ــ ورد ذكر الناصية في القرآن الكريم في قول الحق عز وجل: " كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ" (العلق ، آية : 15 ـ 16).
ــ كما وردت في سورة هود في قوله تعالى: " إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (هود ، آية : 56).
وقد نزلت آيتا سورة العلق في أبي جهل عليه لعنة الله، وقد ذهب المفسرون ـ ومنهم ابن كثير ـ إلى معنى هاتين الآيتين هو: والله لئن لم ينته أبو جهل عما هم فيه من الشقاق والعناد ولم ينزجر لنأخذن بناصيته، والناصية هي المنطقة التي تقع على أعلى الجبهة، وناصية أبي جهل كاذبة في مقالها خاطئة في أفعالها.
وقد قام الدكتور أحمد مصطفى كمال أحد أساتذة تشريح الجهاز العصبي بكلية طب الأزهر ببحث حول الناصية، فقال: أنه باستقرائه لمعاني الذكر الحكيم عن وظيفة الناصية، وجد أنها المسئولة عما يتصف به الشخص من صفات الصدق والكذب، والخطأ والصواب وغيرها من الصفات الأخرى المسئولة عن تكوين الشخصية، أما في سورة هود فقد أضيفت وظيفة أخرى للناصية هي الهيمنة والسيطرة على تصرفات الشخص وأفعاله، وبدراسة ما كتب عن التركيب التشريحي، وعن وظائف مقدم الرأس (الناصية)، في المراجع الطبية الحديثة اكتشف الأستاذ الدكتور أحمد مصطفى كمال أن ذلك يتفق تماماً مع ما ورد في القرآن الكريم، حيث يحتوي مقدم الرأس القشرة الأمامية الجبهية، وتشكل هذه القشرة مركزاً علوياً من مراكز التفكير والتركيز والذاكرة وهي الموجهة لتصرفات الإنسان الشخصية مثل: الصدق والكذب والصواب والخطأ، كذلك فإن هذه القشرة تحث الإنسان على المبادأة بعمل الخير أو الشر، وهذه القشرة التي تقع أسفل مقدم شعر الرأس مباشرة هي التي كانت تحث أبا جهل ـ لعنة الله عليه ـ على أن يتوعد النبي صلى الله عليه وسلم بالشر إذا صلى عند البيت الحرام، ولذلك وصفها القرآن بأنها " نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ"، ومن ثم فإنها تستحق أن تؤخذ بعنف حتى ترتدع وترتد عن الطريق الخاطئ.
المصادر والمراجع:
* القرآن الكريم
* علي محمد محمد الصلابي، المعجزة الخالدة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم براهين ساطعة وأدلة قاطعة، دار المعرفة، صفحة (304، 305)
* توفيق محمد، حول الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، صفحة 2/404.