الإعجاز في وصف النشأة الجنينة في القرآن الكريم
الحلقة السادسة والستون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رجب 1441ه/مارس 2020م
النشأة الجنينية:
ــ قال تعالى: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" (المؤمنون ، آية : 12 ـ 14).
تشير الآيات الكريمة إلى أطوار التكوين التي يمر فيها الإنسان حتى يصبح بشراً سوياً، ولقد أصبحت هذه الأطوار من أهم دراسات العلوم الطبية الحديثة، وكشفت هذه العلوم أسرار التعبير بهذه الألفاظ المخصوصة في هذه الأطوار.
من هذه الآيات الكريمة نستطيع أن نحدد معالم أطوار الجنين الإنساني وهي: نطفة، علقة، مضغة مخلقة وغير مخلقة، عظام، لحم يكسو العظام، التسوية والتصوير والتعديل، نفخ الروح.
أ ـ مرحلة النطفة:
النطفة تطلق على عدة معان، منها: القليل من الماء والذي يعدل قطرة، ويبدأ مصطلح النطفة من الحيوان المنوي والبيضة، وينتهي بطور الحرث "الانغراس"، وتمر النطفة خلال تكونها بالأطوار التالية:
أولاً:* ـ الماء الدافق:
يخرج ماء الرجل متدفقاً ويشير إلى هذا التدفق قوله تعالى: " فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ" (الطارق ، آية : 5 ـ 6).
مما يلفت النظر إلى أن القرآن يسند التدفق للماء نفسه، مما يشير إلى أن للماء قوة دفق ذاتية، وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لا بد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب.
وقد أثبت العلم أيضاً أن ماء المرأة الذي يحمل البيضة يخرج متدفقاً إلى قناة الرحم "فالوب"، وأن البيضة لا بد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتى يتم الإخصاب.
ثانيا:* ـ السلالة:
سلالة في اللغة بمعان منها انتزاع الشيء وإخراجه في رفق، كما تعني أيضاً السمكة الطويلة، أما الماء المهين فالمراد هنا (أي: في طور السلالة)، ويشير القرآن الكريم إلى ذلك كله في قوله تعالى: " ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ" (السجدة ، آية : 8).
وخلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البيضة القليل، ويخترق منوي واحد البيضة ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي إلى البيضة تتكون النطفة ويشير الحديث النبوي الشريف إلى أن الإخصاب لا يحدث من كل ماء الذكر، وفي ذلك يقول رسول الله: "ما من كل الماء يكون الولد".
وهكذا فإن الخلق من الماء يتم من خلال اختيار خاص، والوصف النبوي يحدد بكل دقة كل هذه المعاني التي كشف عنها العلم اليوم.
ثالثاً:* ـ النطفة الأمشاج:
تأخذ البيضة الملقحة شكل قطرة، وهذا يتفق تماماً مع المعنى الأول للفظ نطفة أي: قطرة ومعنى "نطفة الأمشاج" أي: قطرة مختلطة من ماءين. وهذه النطفة الأمشاج بقوله تعالى: " إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ" (الدهر ، آية : 2).
هناك نقطة هامة تتصل بهذا النص وهي كلمة "نطفة" اسم مفرد وأما كلمة أمشاج فهي صفة من صيغة جمع، وقواعد اللغة تجعل الصفة تابعة للموصوف في الإفراد والتثنية والجمع.
كان مصطلح "نطفة الأمشاج" واضحاً عند مفسري القرآن الكريم الأوائل مما جعلهم يقولون: النطفة مفردة لكنها في معنى الجمع.
يمكن للعلم اليوم أن يوضح ذلك المعنى الذي استدل عليه المفسرون من النص القرآني، فكلمة أمشاج من الناحية العلمية دقيقة تماماً، وهي صفة جمع تصف كلمة نطفة المفردة التي هي عبارة عن كائن واحد يتكون من أخلاط متعددة تحمل صفات الأسلاف والأحفاد لكل جنين، وتواصل هذه المرحلة نموها وتحتفظ بشكل النطفة، ولكنها تنقسم إلى خلايا أصغر تدعى قسيمات جرثومية، بعد أربعة أيام تتكون كتلة كروية من الخلايا تعرف التوتية بعد خمسة أيام من الإخصاب، تسمى النطفة كيس الجرثومة مع انتشار خلايا التوتية إلى جزءين:
بالرغم من انقسام النطفة في الداخل إلى خلايا فإن طبيعتها ومظهرها لا يتغيران عن النطفة، لأنها تملك غشاءً سميكاً يحفظها ويحفظ مظهر النطفة فيها.
خلال هذه الفترة ينطبق مصطلح "نطفة أمشاج" بشكل مناسب تماماً على النطفة في كافة تطوراتها، إذ أنها تظل كياناً متعدداً، فهي إلى هذا الوقت جزء من ماء الرجل والمرأة، وتأخذ شكل الفطرة، فهي نطفة، وتحمل أخلاطاً كثيرة فهي أمشاج وهذا الاسم للجنين في هذه المرحلة يغطي الشكل الخارجي وحقيقة التركيب الداخلي.
* نتائج تكوين النطفة الأمشاج:
ــ الخلق:
ــ وهو البداية الحقيقية لوجود الكائن الإنساني، فالمنوي يوجد فيه (23) حاملاً وراثياً، كما يوجد في البيضة (23) حاملاً وراثياً أيضاً، ويمثل هذا نصف عدد حاملات الوراثة في أي خلية إنسانية ويندمج المنوي في البيضة لتكوين الخلية الجديدة التي تحتوي عدداً من الصبغيات (الكروموسومات) مساوياً للخلية الإنسانية (46).
ــ بوجود الخلية التي تحمل هذا العدد من الصبغيات يتحقق الوجود الإنساني ويتقرر به خلق إنسان جديد لأن جميع الخطوات التالية تتركز على هذه الخطوة وتثبت منها، فهذه الخطوة الأولى لوجود المخلوق الجديد.
ــ التقدير ((البرمجة الجينية)):
بعد ساعات من تخلق إنسان جديد في خلية إنسانية كاملة تبدأ عملية أخرى، تتحدد فيها الصفات التي ستظهر على الجنين في المستقبل "الصفات السائدة"، كما تحدد فيها الصفات المتنحية التي قد تظهر في الأجيال القادمة، وهكذا يتم تقدير أوصاف الجنين وتحديدها.
وقد أشار القرآن إلى هاتين العمليتين المتعاقبتين ((الخلق والتقدير)) في أول مراحل النطفة الأمشاج في قوله تعالى: " قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ" (عبس ، آية : 17 ـ 19).
ــ تحديد الجنس:
يتضمن التقدير الذي يحدث في النطفة الأمشاج تحديد الذكورة والأنوثة، وإلى هذا تشير الآية الكريمة: " وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى" (النجم ، آية : 45 ـ 46).
فإذا كان المنوي الذي نجح في تلقيح البيضة يحمل الكروموسوم Y كانت النتيجة ذكراً، وإذا كان ذلك المنوي يحمل الكروموسوم X كانت النتيجة أنثى.
رابعاً: الحرث:
تبقى النطفة إلى ما قبل طور الحرث (الانغراس) متحركة وتظل كذلك حين تصير أمشاجاً وبعد ذلك، وبالتصاقها بالرحم تبدأ مرحلة الاستقرار التي أشار إليها الحديث النبوي: "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين يوما".
وفي نهاية مرحلة النطفة الأمشاج ينغرس كيس الجرثومة في بطانة الرحم بما يشبه انغراس البذرة في التربة في عملية حرث الأرض وإلى هذه العملية تشير الآية الكريمة: " نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ" (البقرة ، آية : 222)، وبهذا الانغراس يبدأ طور الحرث ويكون عمر النطفة حينئذ ستة أيام.
وفي مسند أحمد: أن يهودياً مر بالنبي وهو يحدث أصحابه فقالت قريش: يا يهودي، إن هذا يزعم أنه نبي فقال: لا سألته عن شيء لا يعلمه إلا نبي، فقال: يا محمد مم يخلق الإنسان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا يهودي من كل يخلق: من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة؟ فقال اليهودي هكذا كان يقول من قبلك.
يقول ابن القيم: ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى، وقال: أن الأعضاء والأجزاء والصورة تكونت من مجموع الماءين وهذا هو الصواب.
وتنغرس النطة "كيس الجرثومة" في بطانة الرحم بواسطة خلايا تنشأ منها تتعلق بها في جدار الرحم، والتي ستكون في النهاية المشيمة، كما تنغرس البذرة في التربة.
ــ ويستخدم علماء الأجنة الآن مصطلح (انغراس) في وصف هذا الحدث، وهو يشبه كثيراً في معناه كلمة الحرث في العربية.
ــ طور الحرث هو آخر طور في مرحلة النطفة، وبنهايته ينتقل الحمل من شكل النطفة ويتعلق بجدار الرحم ليبدأ مرحلة جديدة وذلك في اليوم الخامس عشر.
ومما تقدم يتبين لنا بجلاء أن القرآن الكريم قد وصف كل جوانب مرحلة النطفة من البداية إلى النهاية، مستعملاً مصطلحات وصفية علمية دقيقة لكل طور من أطوارها، ويستحيل عملياً كشف التطورات وعمليات التغيير التي تحدث خلال مرحلة النطفة من غير استخدام المجاهر الضخمة نظراً لصغر حجم النطفة.
لقد حدد القرآن الكريم أول مراحل النطفة بالماء الدافق فقال تعالى: " فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ" (الطارق ، آية : 5 ـ 6)..
وحدد آخرها بحرث النطفة أي: غرسها في القرار المكين.
وفي العصر الذي ذكر فيه القرآن هذه المعلومات عن المرحلة الأولى للتخلق البشري، كان علماء التشريح من غير المسلمين يعتقدون أن الإنسان يتخلق من دم المحيض وظل هذا الاعتقاد رائجاً حتى اختراع المجهر في القرن السابع عشر وما تلاه من الاكتشافات للحيوان المنوي والبيضة، كما ظلت أفكار خاطئة أخرى سائدة حتى القرن الثامن عشر، حيث عرف أن كلاً من الحيوان المنوي والبيضة ضروريان للحمل، وهكذا فإنه بعد قرون عديدة تمكن العلم البشري من الوصول إلى ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية قبل 1400 عام.
ب ـ مرحلة العلقة:
وهي الطور الثاني الذي تنتقل إليه النطفة، ويبدأ العلوق منذ اليوم السابع "منذ التلقيح" عندما تتلصق الكرة الجرثومية بجدار الرحم وهناك جملة تعلقات في هذه المرحلة: تعلق أولي بواسطة الخملات الدقيقة، ثم تعلق ثانٍ بواسطة الخلايا الآكلة، ثم تعلق ثالث بواسطة الخملات المشيمية، ثم تعلق رابع يربط بين الجنين الحقيقي وبين الغشاء المشيمي بواسطة المعلاق، ولاشك: أن أهم ما يميز هذه المرحلة هو هذا التعلق، وإن وصف العلقة، العالقة بجدار الرحم والمحاطة بالدم المتجمد "المتخثر" هو أدق وصف لهذه المرحلة.
وتستغرق هذه المرحلة أسبوعين تقريباً ينمو خلالها القرص الجنيني إلى لوح كمثري الشكل، وفي نهاية هذه الرحلة تنكشف الطبقة المتوسطة القريبة من محور الجنين لتشكل الكتل البدنية، ويبدأ ظهور أول كتلة بدنية في اليوم العشرين أو الواحد والعشرين منذ التلقيح، وعندئذ تكون العلقة قد تحولت إلى مضغة، وفي هذه المرحلة نجد أن الكرة الجرثومية التي كانت قبيل العلوق لا تزيد عن (1,2) نصف مليمتر قد أصبحت بعد العلوق بأسبوع واحد فقط مليمتراً ونصف، وفي نهاية الأسبوع الثالث، منذ التلقيح، يصبح طول اللوح الجنيني ملميترين ونصف.
ولاكتها ثم قذفتها هو أصدق وصف وأدق لهذه المرحلة.
س ـ مرحلة العظام واللحم:
وهي مرحلة تستغرق الأسبوع الخامس والسادس، والسابع، وفي الأسبوع السادس تكون هذه الهياكل الغضروفية لعظام الأطراف العلوية يسبق الطرف السفلي ببضعة أيام، وأول علامة على وجود عضلات الأطراف تظهر في هذا الأسبوع.
ومعنى هذا أن العظام تسبق العضلات، ثم تكسو العضلات العظام وصدق الله العظيم حيث يقول: " فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا".
ع ـ ثم أنشأناه خلقاً آخر:
وهو التصوير والتسوية والتعديل ثم نفخ الروح لقوله تعالى: " هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء" (آل عمران ، آية : 6).
ويقول عز من قائل: " يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ" (الانفطار ، آية : 6 ـ 8).
وأما التسوية فهي تتم مع التصوير وقبله وبعده، فهي تشمل جميع الأعضاء، إن عملية الهدم والبناء والتسوية والتعديل مستمرة في الجنين بشكل مثير، إذ كل يوم بل كل ساعة تشهد جديداً، هذه أنبوبة القلب المستطيلة تتحول إلى شكل (S) ثم تتكون الغرف المتتالية: الأذين العام، والبطين العام، وبصلة القلب، والجيب الوريدي ثم الأذين الأيمن، وتدخل بصلة القلب في البطين الأيمن والأيسر، ومن بصلة القلب تنشأ جذور الشريان الأورطي والشريان الرئوي.
إن عملية التسوية والتعديل عملية مستمرة في بناء جسم الإنسان منذ أن كان جنيناً إلى أن يصبح شيخاً هرماً، ولكن هذه التسوية والتعديل أبرز ما تكون في الجنين، ولا يمكن أن تتم التسوية والتعديل إلا بعد وضع الأسس، والأسس لجميع الأعضاء توضع في الفترة ما بين الأسبوع الرابع والثامن ولهذا تعتبر هذه الفترة هي الفترة الحرجة التي تكونت فيها الجينات أشد ما تكون قابلة للتغيير، ولذا فإن تأثير الأدوية والعقاقير أو الأشعة أو الحميات تكون في أوج تأثيرها على الجنين في هذه الفترة.
وقد شرحت بعض الأحاديث النبوية جوانب في هذه المراحل، فقد جاء في صحيح مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصورها، وخلق سمعها، وبصرها، وجلدها، ولحمها، وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى: فيقضي ربك ما شاء ويكتبه الملك".
ففي الحديث يقرر الرسول صلى الله عليه وسلم ـ عشر حقائق من حقائق علم الأجنة هي:
ــ يخلق الإنسان مـن النطفة المنوية ـ مـن ماء الرجل وبيضة المرأة ـ كما سبق بيانه ـ وقد أشار إلى ذلك الحديث النبوي: "إذا مر بالنطفة" أي أن الإنسان يخلق من النطفة لا من دم الحيض ـ كما كان شائعاً بين الأطباء إلى القرن السابع عشر.
ــ حدد الحديث ليلة معينة من عمر الجنين يدخل بعدها الملك "إذ مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً".
ــ "فصورها" أي أن الصورة الآدمية للجنين تبدأ بالظهور بعد الليلة الثانية والأربعين.
ــ "وخلق سمعها" وكذلك يبدأ ظهور الأذن وجهاز السمع.
ــ "وجلدها" ويخلق الملك الجلد بعد الليلة الثانية والأربعين.
ــ "ولحمها" ويخلق الملك اللحم "العضلات" بعد نفس الليلة.
ــ "وعظمها" ويخلق الملك العظام "الهيكل العظمي" بعد نفس الليلة.
ــ ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟. أي أن الملك يبدأ بتشكيل الأعضاء التناسلية الخارجية (الفرج) في الذكر والأنثى والتي بها يتم التمييز بين الذكر والأنثى.
وذلك بعد الليلة الثانية والأربعين أيضاً.
ــ يمر الجنين بأطوار قبل الليلة الثانية والأربعين وهو ليس في صورة آدمية، ولا توجد فيه الأعضاء والأجهزة التي ذكر الحديث خلقها بعد الليلة الثانية والأربعين.
ويقول الطب الحديث: في نهاية الأسبوع السادس تكون النطفة قد بلغت أوج نشاطها في تكوين هذه الأعضاء وهي قمة المرحلة الحرجة الممتدة من الأسبوع الرابع وحتى الأسبوع الثامن.
والمبيض والخصية لا يمكن التعرف عليهما إلا في الأسبوع السابع والثامن، حيث يمكن التعرف على الغدة التناسلية هي خصية أم مبيض .
وفي رواية أخرى عند مسلم: "إن النطفة إذا استقرت في الرحم أربعين ليلة ثم يتشور عليها الملك فيقول: يا رب ذكر أم أنثى؟" وفي رواية: "بضع وأربعين ليلة"، وفي رواية لخمس وأربعين.
وهكذا نرى من مجموعة الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة أن قمة تكوين الأعضاء وتحديد الذكورة والأنوثة على مستوى الغدد التناسلية إنما يكون في الأربعين.
وفي هذه الفترة يستطيل الحمل من (5) مليميترات إلى (23) مليمتراً، وتظهر عليه علامات خارجية وواضحة، وإن كان بعضها لم يكتمل في هذه الفترة، ومما تقدم يبدو أن التقسيم القرآني لمراحل نمو الجنين الإنساني أدق من وصف علم الأجنة، ولا يركز بعض علماء علم الأجنة على مرحلة العلقة كما يركز عليها التقسيم القرآني، وكذلك مرحلة التصوير والتسوية والتعديل، أما نفخ الروح فهو لا يزال في طي الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.
قال تعالى: " وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا" (آل عمران ، آية : 7).
قال تعالى: " أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ {58} أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ" (الواقعة ، آية : 58 ـ 59).
وقال تعالى: " هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (لقمان ، آية : 11).
" وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" (الذاريات ، آية : 21).
المصادر والمراجع:
* القرآن الكريم
* علي محمد محمد الصلابي، المعجزة الخالدة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم براهين ساطعة وأدلة قاطعة، دار المعرفة، صفحة (302:292).
* مصطفى مسلم، مباحث في إعجاز القرآن، صفحة 232، 233، 234، 235.
* نايف منير معروف، الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، صفحة 1/ 649، 651، 652، 654.