الأحد

1446-05-15

|

2024-11-17

شهر رمضان الكريم فرصة مميزة لوصل ما انقطع وتقوية الأواصر الأسرية؛ فصلةُ الرحم من القيم الدينية والإنسانية التي يجب الحفاظ عليها، فقد حَثَّ الدين على ضرورة صلة الأرحام، قال تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: 75]. وشهر رمضان هو شهر القرآن والمودة والإحسان، وهو شهر الكرم والجود والإيمان، وهو شهر صلة الأرحام، والتي تكون بزيارة الأهل، وبالكلمة الطيبة أو بالابتسامة التي تزيد الألفة وتقوي المحبة والتراحم والتكافل بين ذوي القرابة والرحم، ولذلك حث الإسلام العظيم على صلة الرحم ولو بالسلام أو بالتحية والهدية، كما حث على قضاء حوائجهم أو الدعاء لهم لو كانوا أمواتاً، ونهى الإسلام عن قطيعة الرحم وحذر منها، لأنها تستجلب لعنة الله وسخطه ولا يقوى عليها أحد إلا الخائنين والفجار. (1) وإن صلة الرحم من القيم الإنسانية والدينية والمعنوية الواجب الحفاظ عليها وترسيخها في علاقتنا الأسرية، فقد حثنا الدين الاسلامي على أداء صلة الأرحام، قال الله سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا))[النساء:1]. وقدْ أعدَّ الله تعالى الأجْر الكبير والثواب الجزيل لِمَن يصِل رَحِمه، فإنَّ من أعظم ما يجازي به الله تعالى واصلَ الرحم في الدنيا أن يوسِّع له في الرزق، ويبارك له في العمر؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((مَن سَرَّه أن يُبسَطَ له في رِزقه، أو يُنسَأ له في أثَرِه، فليصلْ رَحِمَه)) [أخرجه مسلم (2557)]. (2) أمَّا قطيعة الرِّحِم فهي كبيرةٌ من كبائر الذنوب، وقد رتَّب الله العقوبةَ والطَّرْد من رحمته لِمَن قطَع رحمه؛ قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: 22 - 23]. (3) وكان السلف (رحمهم الله) من المحافظين على صلة الرَّحِم والمداومين على البرِّ والإحسان والرحمة، فعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال: «تعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء، ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم لأوزعه ذلك عن انتهاكه»، وأخبر أبو ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه أن يصل أرحامه وإن أدبرت. (4) وقال ابن عابدين الحنفي: «صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف، وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل». (5) لذلك يجب على المؤمنين الالتفات إلى صلة أرحامهم، وتجاوز ما قد يحدث أحياناً من سوء فهم يؤدي إلى القطيعة والتدابر، فشهر رمضان المبارك فرصة رائعة لصلة الأرحام، وتقوية الأواصر العائلية، وحل الخلافات بالتواصل والتزاور والانفتاح، والمبادرات الأسرية والعائلية مطلوبة خصوصاً في شهر الله، ولو بأقل ما يمكن، فدعوةٌ على إفطار أو سحور ستزيل الكثير من الشحناء والبغضاء في حال الخلاف والخصومة، وستقوي اللحمة العائلية في حال عدم وجودهما. والواجب استثمار شهر رمضان في تنقية النفس من الضغائن والأحقاد وتمهيد الطرق الإنسانية بين المسلم وأخيه المسلم، فمن سمات صلة الرحم هو الإحسان للأهل والتودد إليهم، وزيارتهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم. بعض المراجع: - صحيح الأدب المفرد للألباني صـ 56 حديث: 73. - مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ 83 رقم: 247.


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022