الثلاثاء

1446-11-01

|

2025-4-29

من حكم موت سليمان عليه السلام .. علم الغيب خاص بالله تعالى دون خلقه ....

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك ...

بقلم د. علي محمد الصلابي ...

الحلقة (80)

 

قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) [الجن: 25 - 27]

- قال ابن حبان –رحمه الله-: فالمعنى أظهر للناس جهل الجن بعلم الغيب، وأن ما ادعوه من ذلك ليس بصحيح.

- وقال الألوسي –رحمه الله-: وفي الآية دليل على أن الغيب لا يختص بالأمور المستقبلية، بل يشمل الأمور الواقعة التي هي غائبة عن الشخص أيضاً.

- قال ابن عطية -رحمه الله-: وكثر المفسرون في قصص هذه الآية بما لا صحة له ولا تقتضيه ألفاظ القرآن، وفي معانيه بعد.

وقد جاءت بعض المرويات وهي لا تصح، وقد تأثرت بالإسرائيليات وذكرها بعض المفسرين بأن سليمان (عليه السلام) مكث حولاً كاملاً ميتاً دون أن يحس به أحد، وأن الجن هي التي تأتي بالماء للأرضة وغير ذلك من الأباطيل التي لا تثبت بالنقل، ولا يسندها العقل.

فهل يعقل أن يمكث ميتاً لمدة سنة ولا يفتقده أحد؟ أو دون أن يقدم له طعام أو شراب؟ ومن كان يصرّف أمور المملكة طول هذه المدة؟.

- عمره حين مات:

إن كثيراً من المؤرخين ذكروا أنه توفي وعمره اثنان وخمسون عاماً، بعد أن حكم أربعين سنة، والله أعلم بذلك.

- أين مكان قبر سليمان (عليه السلام)؟

لقد اختلف العلماء والمفسرون في تحديد مكان القبر، فقيل إنه دُفن في طبريا، وقيل في بيت لحم، وقيل في القدس. وإن النبي يُدفن حيث يقبض، فقد قال رسول الله (ﷺ): ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه.

وبعدما تبين لرجال الدولة وفاة سليمان (عليه السلام) دفنوه مكان وفاته، وبوفاته انتهى العصر الذهبي المشرق لبني إسرائيل، والمتمثل في دولتهم الفتية، وخلافتهم الربانية.

بدأت دولة الأنبياء الملوك (عليهم السلام) على يد الملك طالوت، ثم قويت وتمكنت على عهد داوود (عليه السلام)، ثم تمددت وتوسعت، وترسخت واستقرت على يد النبي الملك سليمان (عليه السلام).

وكانت الدولة قائمة على الحكم الرشيد وقيم العدل، ومفهوم الخلافة في الأرض وعمارتها بالإيمان وشرع الله وبالصناعات والزراعة والتجارة، وتبليغ دين الله للأمم، وكان من رعايا هذه الدولة: الجن والشياطين، والإنس والطير...إلخ. وقد وصلت إلى أوجها وذروتها في عهد سليمان (عليه السلام).

وبعد وفاة النبي سليمان (عليه السلام) لم تستمر طويلاً، إذ سرعان ما دبت فيها الفرقة والاختلاف، فانفصلت سبأ عن الدولة، ثم زاد الاختلاف حتى انقسمت الدولة في الأرض المقدسة إلى أقسام، وحكمها ملوك ضعفاء ووقعوا في المخالفات والمعاصي والذنوب الكبيرة، وكان نتيجة ذلك أن أوقع الله بهم غضبه وعذابه، فأزال دولتهم ودمر كيانهم، ومكن أعداءهم منهم، فأخرجوهم من الأرض المقدسة وتشتتوا في بقاع الأرض.

مراجع الحلقة:

  • الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 377-380.
  •   القصص القرآني، صلاح الخالدي، (3/573 - 574).
  •   البحر المحيط (7/257).
  •   روح المعاني (22/124).
  •   سليمان في القرآن الكريم، همام حسن سلوم، ص239 - 242.

 

 

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:

https://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/689

 

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022