تنبيه من قصص طويلة وروايات غريبة في قصة (هاروت وماروت)
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة (84)
أورد عامة المفسرين تحت هذه الآية قصصاً طويلة، وروايات غريبة مختلفة في قصة (هاروت وماروت) عن مجموعة من الصحابة والتابعين، استوفاها السيوطي في الدر المنثور. وذكر ابن جرير معظمها في تفسيره، وذكر بعضها ابن كثير، ثم قال: وقد روى في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين؛ كمجاهد والسدي والحسن البصري وقتادة وأبي العالية، والزهري، والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم، وقصّها خلقٌ من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين؛ وحاصلُها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذ ليس فيه حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب؛ فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراد الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال.
وقال القرطبي (رحمه الله): هذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره، ولا يصح منه شيء؛ فإنه قول تدفعه الأصول في الملائكة الذين هم أمناء الله على وحيه وسفراؤه إلى رسله: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
- ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)﴾ [الأنبياء: 26 - 27].
- ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء: 20].
من فوائد هذه الآية الكريمة:
- سعي الشياطين في إضلال الناس.
- دفاع الله عن أنبيائه، وتبرئة سليمان (عليه السلام) من السحر والكفر.
- تحريم تعلم العلوم التي تضر ولا تنفع، ومثله ما كانت مفسدته أكبر من منفعته.
- إن العلم النافع يأبى على صاحبه تعلم العلم الضار.
- إن السحر من أعمال الشياطين.
- إن قدرة الله عز وجل فوق الأسباب.
- إن الشياطين تآمرت بالسحر في عهد سليمان (عليه السلام)، ووضعت الخطة ليفتنوا الناس بعد موت سليمان (عليه السلام).
- الحذر من كتب الضلال والسحر، ووجوب إتلافها ومنع وقوعها في أيدي الناس.
- خطورة ترك الوحي والاستعاضة عنه بالعلوم الأخرى.
- وفيها: أن غياب المصلحين سبب في انتشار البدعة والفساد والشرك في الأرض، فقد نشطت الشياطين بعد وفاة سليمان (عليه السلام).
- تحايل الشياطين لإيقاع الناس في الشرك بكل وسيلة. وغير ذلك من الفوائد.
مراجع الحلقة:
- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 397-399.
- تفسير ابن كثير (1/248).
- الجامع لأحكام القرآن (2/36).
- تفسير الزهراوين، محمد المنجد، ص180 - 183.
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:
https://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/689
