حال اليهود في العهد الروماني
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة (111)
قرر الرومان وهم من أصل إيطالي التوسع فبدأوا يأخذون ممالك الإغريق مملكة مملكة، حتى وصلوا إلى بلاد الشام فاحتلوها، ومن ثم وصلوا إلى القدس فاحتلوها أيضا وذلك سنة 63ق.م، وعيّنوا عليها كاهناً اسمه (ريسونك) ، ثم أصبح هذا الكاهن كبيراً لليهود، ودام الحكم فيهم على هذه الصورة 23سنة.
أ- ملك اليهود هيرودس:
عيّن الرومان ملكاً لليهود اسمه (هيرودس) مشهور في التاريخ باسم (هيردس)، وفي التاريخ العربي باسم هيرود: لم يكن هذا الملك من الأسرة المكابية الحاكمة، بل تم اختياره على أيدي الرومان، فكان موالياً لهم، وطاغية شديداً على اليهود، ولكي يثبت مكانته بين اليهود ويجعلهم ممن يتبعونه أعاد تجديد الهيكل، وضاعف مساحته وأصبحت هذه المنطقة (الأردن وفلسطين) في عهده منطقة صراع بين الرومان والفرس، فتارة تكون بأيدي الفرس وتارة بأيدي الروم، وفي عام 34ق.م استطاع (هيرود) أن يجمع قوة يطرد بها الفرس، ثم أحكم سيطرته على تلك المناطق، وكانت فترة حكمه فترة ازدهار لها، وظلت الأمور مستقرة بيده فترة طويلة، وفي هذه الفترة زارت كليوباترا حاكمة مصر الفرعونية القدس في طريق عودتها من زيارتها للعراق والفرات، فكان لهذا الحادث وقع عظيم جداً في تلك المناطق لما كان لكليوباترا من شهرة عظيمة.
ب- عيسى ويحيى وزكريا عليهم السلام في عهد الدولة الرومانية:
قبل ميلاد المسيح (عليه السلام)، وقبل ميلاد يحيى (عليه السلام) في عام 4ق.م = مات (هيرود) ملك اليهود، وتمزقت دولة اليهود أو دويلة اليهود التابعة للرومان بين أولاده الثلاثة، والتي لم تكن لها حكم مستقل عن الدولة الرومانية بل تابعة لها، ثم بعد ذلك بأربع سنين كان ميلاد المسيح (عليه السلام) وقبل مولده بثلاثة شهور ولد النبي يحيى (عليه السلام) الذي اشتهر بينهم باسم (يوحنا المعمداني). وقد ذكرتُ قصة يحيى وزكريا وعيسى وعليهم السلام بالتفصيل، وكما جاءت قصصهم في القرآن الكريم في كتابي (المسيح عيسى ابن مريم: الحقيقة كاملة).
جـ- حكم بطليموس الروماني:
انتقل الحكم من ابن (هيرود) إلى الرومان الذين حكموا حكماً مباشراً، وألغوا حكم الممالك اليهودية الذاتي، فالمسيح جاء في زمن كان للرومان على القدس سيطرة غير مباشرة، أي: أن القضاء والدين كانا في أيدي اليهود وقتها.
وفي عام 26م تولى حكم فلسطين (بطليموس) الروماني، الذي لم يكن يهودياً. وفي فترة حكمه حدثت أحداث رهيبة جداً، فقد حكم بطليموس هذا في فترة وجود الأنبياء الثلاثة (زكريا ويحيى وعيسى) عليهم السلام.
وتحكي كتب التاريخ: أن بطليموس الروماني-لم يكن يهوديا- الذي تولى حكم فلسطين. أراد أن يتزوج من ابنة أخيه لجمالها البارع جداً، ولكن زواج المرأة من عمها كان محرماً في دينهم، فأحب أن يأخذ إجازة من زكريا ويحيى بصحة هذا الزواج، فكان جواب يحيى (عليه السلام) أن قال سأعلن هذا للناس، فلما اجتمعوا خطب فيهم يحيى (عليه السلام)، وبدل من أن يعلن زواج بطليموس بابنة أخيه، أعلن لهم تحريم زواج المرأة من عمها تحريما مطلقا، وأن من يفعل ذلك فهو كافر. فوجئ بطليموس بهذا الإعلان وخاصة أنه كان يتظاهر بالتدين باليهودية وبالتعاون مع اليهود واحترام مقدساتهم، وكان يتبع كلام اليهود في مثل هذه القضايا؛ فلما سمع بفتوى يحيى (عليه السلام) سُقط في يده، ولكن ابنة أخ بطليموس أرادت أن تغوي عمها فقامت بالرقص أمامه وأشربته الخمر حتى سكر، ثم أغرته بقتل يحيى (عليه السلام) ، وما زالت به حتى قام تحت تأثير النشوة في رأسه بالأمر بقتله، ثم أمر بعد ذلك بقتل زكريا (عليه السلام)، كما ورد في رواية تاريخية مشهورة، فقتل ذلك الفاجر نَبِيَّيْن عظيمين في تلك الفترة ، غير أنّ اليهود لم يحركوا ساكناً لمقتل أنبيائهم وكأن الأمر لا يعنيهم.
مراجع الحلقة:
- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 515-523.
- فلسطين التاريخ المصور، طارق السويدان، ص 58-59-62.
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:
https://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/689