اليهود ما قتلوا عيسى (عليه السلام) ولا صلبوه
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة (118)
لما سجل الله تعالى عليهم جرائمهم السبعة الفظيعة التي استحقوا بها لعنته وغضبه وسخطه، كذَّبهم في زعمهم: قتل عيسى (عليه السلام)، فقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)﴾ [النساء: 157 - 159].
فبيَّن الله تعالى كذب اليهود فيما زعموه، وأنّه لم يقتل اليهود عيسى (عليه السلام)، ولم يصلبوه، ولكن قتلوا وصلبوا شبيهه. والصلب هو تعليق الإنسان للقتل، والصليب: أصله الخشب الذي يصلب عليه، والصليب الذي يتقرب به النصارى، وسُمي بذلك لكونه على هيئة الخشب الذي زعموا أنه صُلب عليه عيسى (عليه السلام).
واليهود من مكر الله بهم لم يقتلوا عيسى، وإنما قتلوا الشبيه وصلبوه ظانين بأنهم قتلوا عيسى، والذي شبه لهم هو الشخص المقتول، حيث ألقى الله شبه عيسى (عليه السلام) على الشخص الآخر، فأخذوه وقتلوه وهم يوقنون أنه عيسى، مع أنه لم يكن عيسى في الحقيقة.
إنَّ قضيـة قتل عيسى (عليه السلام) وصلبه قضيـة يتخبط فيها اليهود، كما يتخبط فيها النصارى بالظنون، فاليهود يقولون: إنهم قتلوه، ويسخرون من قوله: إنه رسول الله، فيقررون له هذه الصفة على سبيل السخرية. والنصارى يقولون: إنه صُلب ودفن ولكنّه قام بعد ثلاثة أيام.
وما من أحد من هؤلاء أو هؤلاء يقول ما يقول عن يقين، فلقد تتابعت الأحداث سراعًا، وتضاربت الروايات وتداخلت في تلك الفترة، بحيث يصعب الاهتداء فيها إلى يقين، إلا ما يقصّه رب العالمين.
مراجع الحلقة:
- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 546-547.
- الخالدي، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث (4/367-369).
- الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القران، ص499.
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي: