الجمعة

1446-04-15

|

2024-10-18

من أنواع الظلم "كتمان الشهادة"

مختارات من كتاب العدالة من المنظور الإسلامي

بقلم د. علي محمد الصلابي

الحلقة (32)

 

كانت مهمة الرسل الأولى هي التبليغ، قال تعالى: َ {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة 67].

ولذلك كان التقاعس عن هذه المهمة من أنواع الظلم الشديد؛ حتى عبّر الله تعالى بأسلوب التفصيل في قوله الحكيم: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة 140].

ولقد عرّض الآنبياء أنفسهم للسوء من الناس، وتحمّلوا من الأذى السخرية والصدود ما جعلهم نماذج إنسانية فريدة في الصبر والثبات على المبادئ، وذلك حرصاً منهم على تبليغ الرسالة، وتفادياً لصفة الكتمان لما أنزل الله إليهم من الحق، قال تعالى: َ {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[ آل عمران: 146]. ولكنهم تفاوتوا في ذلك الصبر، فكان منهم ذوو العزم، وهم الذين صابروا وصبروا حتى أتاهم نصر الله، أو ماتوا وهم يأملونه، فما فتّت الأزمات في عزائمهم، ولا ندبوا بعد كثرة الجهد حظهم؛ لأنهم يعلمون أن عليهم الدعوة، وعلى الله الهداية ِ {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[ القصص 56].

ولما كان كتمان الشهادة بهذه الدرجة من الضرر كانت عقوبته على المستوى من الشدة، قال تعالى: ِ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[ البقرة 174].

 

مراجع الحلقة:

- العدالة من منظور إسلامي، علي محمد الصلابي، دار المعرفة، بيروت، ص 91-92.

 

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب " العدالة من المنظور الإسلامي " في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022