شهادات بعض العلماء في الشيخ ابن باديس (رحمه الله)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج2):
الحلقة: 186
بقلم: د. علي محمد الصلابي
16 صفر 1443 ه/ 23 سبتمبر 2021
- الشيخ العربي التبسي:
وأما الأستاذ الأصولي العلامة الشيخ العربي التبسي فقد كتب مقالاً قيماً بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لوفاة الإمام عبد الحميد بن باديس جاء فيه ما يلي: إن الرجال لا تسجل أنسابهم ولا صورهم ولا أموالهم في سجل الإنسانية شرائعها ورجالها، وإنما تسجل عقائد الذين غرسوا عقائدهم في نفوس الناس، وإنما تسجل أعمال الذين أخرجوا الناس من فوضى اجتماعية إلى نظام اجتماعي توارثته الإنسانية بعدهم، وإنما تسجل المبادئ التي تفيء إلى ظلها الإنسانية حين تطغى على الإنسانية الجوائح التي تجتاح الناس بسوط عذابها ولهيب نيرانها.
والذكرى إذا أقيمت لشخص له عروق هذه الصالحات نسب ؛ كانت تلك الذكرى اعترافاً لتلك الشخصية، بأن لها في عنق القائمين بهذه الذكرى نعما ومنناً، شكرها له بإقامة الذكريات والحفلات هو أقل حق له عليهم يؤدونه له.
وعبد الحميد بن باديس جدير بأن تقيم له الأمة الجزائرية الإسلامية العربية الذكرى، وجدير بأن يعدّ من أولئك الذين سجل لهم التاريخ جهوداً تؤهله للحاق بالشخصيات المعترف بها بمزاياها، قدم عبد الحميد لأمتنا في أرضنا الشيء الكثير، مما يعدّ أساساً لهذه الحركة وبذوراً لنواحيها المتعددة.
- مالك بن نبي:
من مفكري الجزائر الذين هزتهم حركة ابن باديس فكتب عنها الشيء الكثير، ولعل في مقدمة ما كتب قوله في كتابه شروط النهضة، ولقد بدأت معجزة البعث تتدفق من كلمات ابن باديس، فكانت تلك ساعة اليقظة، وبدأ الشعب الجزائري يتحرك، ويا لها من يقظة مباركة.
ويقول في الكتاب نفسه مقارناً بين عمل العلماء ورجال السياسة المحترفين، إن العلماء كانوا أقرب إلى الصواب من السياسيين حين دعوا إلى الإصلاح بمعنى دفع النفس إلى حظيرة الإيمان من جديد.
- أبو القاسم سعد الله:
من كبار المؤرخين بالجزائر يقول: إن العشرينات من هذا القرن هي الفترة التي ظهرت ونمت فيها الصحافة الإصلاحية والنوادي الحرة، وكان ابن باديس هو العصب المحرك لهذه الحركة بشخصه وقلمه ولسانه وتلاميذه.
وحين تحدث عن جمعية العلماء قال: وإذا تكلمنا عن جمعية العلماء خلال الثلاثينات، فالكلام في الواقع عن ابن باديس، ومن الممكن أن يزعم المرء أنه لولا ابن باديس لما تأسست جمعية العلماء، ولا يمكن عكس هذه القضية فيقال مثلاً إنه لولا جمعية العلماء لما كان ابن باديس. وقال: وحسبنا هنا أن ننبه إلى أن جمعية العلماء اهتمت بالإنسان فجعلته هو الهدف في كل تحركاتها، خاطبت عقله بالعلم والإصلاح والوطنية، وخاطبت عاطفته بالدين والخطابة والتاريخ، وأنشأت لذلك من الدعاة والخطباء والمؤرخين والصحفيين والشعراء والمعلمين، وفرت لهم مراكز تمثلت في المساجد والنوادي والصحف والكتب.
ولئن كان الحديث عن الجمعية ؛ فإن ابن باديس كان هو العصب المحرك وينطبق الحديث عليه تماماً.
- حمزة بو كوشة «شنوف»:
من زملاء ابن باديس قال عنه: كان ابن باديس رجل علم ونظام يحافظ على أوقاته، وليس عنده كِبر، ولا يشعر بأي غضاضة أن يسأل أحد تلامذته عن مسألة ويرجع إلى الحق، وتحدث عن برنامجه اليومي وعن أسرته، وعبّر بجملة واحدة عن أشياء بيناها في هذا الكتاب، فقد قال: إن التضحية التي ضحاها ابن باديس مهمة جداً، فقد كوّن جيلاً من الأجيال.
- محمد خير الدين:
عمل مع ابن باديس قبل تأسيس الجمعية، وأصبح بعد ذلك عضواً في مجلسها الإداري، وظل يعمل في الدعوة الإسامية إلى ما بعد التحرير، وقد قال: كانت حياة ابن باديس كلها جهاد، ولم يعش لنفسه أبداً ولم يعش لأحد بل عاش لله. كذلك لم يترك وقتاً قصيراً ليقضيه في مسائل دنيوية أو مظاهر أو وظيفة أو طمع، إنما صرف وقته للعلم والتكوين. فالجزائر مدينة للشيخ عبد الحميد بن باديس في ميدان التربية والتعليم حيث لم يكن هناك تربية أو تعليم إلا به، والوطنية قبل أن يسمع بها الناس لم يسمعوا بها إلا منه.
- محمد الصالح رمضان:
من تلاميذ الشيخ ابن باديس قال: يكاد يجمع الناس كلهم الأعداء وغير الأعداء مسلمون وغير مسلمين ـ والمسلمون هم الطرقيون لأنهم كانوا يعدونه شراً عليهم ويتصورونه السبب في زوال نفوذهم ـ كلهم يجمعون على صدقه وتقواه، وحتى الفرنسيون يؤمنون بهذا ويرون أنه أقوى شخصية في الجزائر.
المصدر:
كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع الرسمي: