غنى المصادر التشريعية للرسالة المحمدية
الحلقة: السابعة والأربعون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو الحجة 1441 ه/ أغسطس 2020
ممّا تميّزت به هذه الدعوةُ كذلك غنى مصادرها التشريعية ، فالرسالاتُ السابقةُ كلّها تجدُ تشريعاتها في الكتاب المنزل فحسب ، أمّا هذه الدعوة التي لم تنزل لقوم محدودين ، ولا لفترة من الزمان محدودة ، وإنّما نزلت للبشرية كافة ، ولأمدٍ من الزمن ممتدّ إلى قيام الساعة ، فقد خصّها الله بسعةٍ في المصادر التشريعية تلائِمُ سعة رقعتها ، وامتداد زمانها ، فنجدُ مع الكتابِ سنّةَ الرسول صلى الله عليه وسلم تفصّل ما أجمله الكتاب ، وتبيّن أحكامه تارةً ، وتستقلُّ تقرير الحكم تارة أخرى ، فقد فرض اللهُ الصلاة ـ مثلاً ـ ولكنّ أحكامَ الصلاةِ بيَّنتها السنّةُ ، وكذلك الأمر في الزكاة ، فالسنّةُ ببعض الأحكام ، كحدِّ الردّة ، وحدّ الخمر ، وحكم الرجم للزاني المحصن ، وأحكام البيع والشراء.. إلخ.
وإلى جانب الكتاب والسنة فبابُ الاجتهاد مفتوحٌ فيما لم يرد فيه نصٌّ ، أو في طريقة تطبيق النصّ على حالة لم تقع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الذي كفل لهذه الشريعة أن تتسع للنمو الدائم في حياة البشر ، ولا تضيق عنه ، وجعل الحياةَ في ظلّها تتحرّك وتنمو أبداً لا تتجمّد ، وهو ما لم يكن متاحاً للدعوات السابقة ، لأنّ الله قدّر لها فترة محدودة من الزمن تُنْسخُ بعدها ، أمّا هذه الرسالة فلا ناسخَ لها ، لذلك وهبها اللهُ القدرةَ على الامتدادِ ومواكبة الحياة المتجدّدة على الأرض.
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب:
الإيمان بالرسل والرسالات
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي