من لطائف الإمام الشافعي
اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
الحلقة: الستون
محرم 1444ه/ أغسطس 2022م
لقد جمع الشافعيُّ فقهًا وعقلًا وأدبًا وحكمةً، وجمع إلى ذلك فصاحةً وبلاغةً، وهذا يحدونا إلى أن ننظر فواصل من قوله، على سبيل الاستظراف:
* قال رحمه الله: «ليس بعد أداء الفرائض شيءٌ أفضلُ من طلب العلم. قيل له: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل».
* ونقل عن ابن عُيينة أنه قال: «لم يُعط أحدٌ في الدنيا شيئًا أعظم من النبوة، ولم يُعط بعد النبوة أفضل من العلم والفقه».
وكأنه يشير بذلك إلى أن طلب العلم سبيل إلى معرفة ما جاء به الأنبياء عليهم السلام.
* قال الرَّبِيع بن سُليمان المُرادي عن الشافعي: «المِراءُ في العلم يُقَسِّي القلب، ويورِّث الضغائن».
لقد كان الشافعيُّ كارهًا للمِراء والجدل الذي كثيرًا ما يثور بين طلبة العلم، فيختلفون في مسائل، فيتناظرون ويتجادلون، ويصبح همُّ كلٍّ منهم أن يَظْهر بالحجة وأن ينتصر على غيره.
وقد يتكثَّر في المجالس بهذه الأُغْلُوطات والمسائل التي لا ثمرة من ورائها؛ ولذلك قال رحمه الله: «مِن إذلال العلم أن تناظر كل مَن ناظرك، وتُقَاوِل كل مَن قَاوَلَك»؛ فكثير من المسائل ينبغي لطالب العلم أن يُكرِم نفسه، ويصونها عن الخوض فيها.
* قال أبو ثَوْر: «قلتُ للشافعي: ضع في الإرجاء كتابًا. قال: دع هذا. فكأنه ذم الكلام»؛ لأنه شعر أن هذه المسائل ليس المراد بها العلم المُقَرِّب إلى الله تعالى.
ما أكثر المقترحات التي يُدلي بها الطلَّاب، وما أقل الفقهاء الذين يُعرضون عنها بعلم ووعي!
ومع ذلك فقد نقل الرَّبِيع عنه قوله: «لو أردتُ أن أضع على كل مخالف كتابًا لفعلتُ، ولكن ليس الكلام من شأني، ولا أحبُّ أن ينسب إليَّ منه شيء».
ويقول الذهبيُّ: «هذا النَّفَسُ الزَّكي متواتر عن الشافعي».
إذًا فمقام العالم الرَّباني ليس هو المماحكات والمخاصمات، والدخول في كل معترك، ولو فعل الشافعيُّ هذا لم يتمكن من كتابة «الرسالة» و«الأم»، وغيرهما من مصنَّفاته العظيمة.
ومع ذلك فقد كان الشافعيُّ يناظر للمصلحة بكلمات معدودة، ولكنها فصل في المقال.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 128-127
يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي: