الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

تصور الإمام الشافعي للحرية

اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

الحلقة: الخامسة والستون

11 محرم 1444ه/ 9 أغسطس 2022م

 

قال رجلٌ للشافعي: أوصني. فقال: «إن الله تعالى خلقك حرًّا، فكن حرًّا كما خلقك».

يا لها من كلمة عظيمة؛ فالفقهاء المتقدِّمون كانوا يستخدمون كلمة الحرية بمعنى آخر غير الحرية من الرِّقِّ، إنها حرية العقل والقلب والنفس التي لا يتحقق معنى الحياة والإنسانية إِلَّا بها.

وقال أيضًا: «الحرية هي الكرم والتقوى، فإذا اجتمعا في شخص فهو حر».

وقال: «الفُتوَّة حُلِيُّ الأحرار».

ويُقصد بالفُتوَّة معان من الكرم والشجاعة والنجدة كانت معروفة.

إنها مزيج من الخُلُق الرفيع، وتكامل الشخصية، والانعتاق من أَسْر الشهوات، أو المطامع.

وقال أيضًا: «لو أنَّ رجلًا سوَّى نفسه حتى صار مثل القِدْح، لكان له في الناس مَن يعانده».

وكان رجلان يتعاتبان عند الشافعي، فقال الشافعيُّ لأحدهما: «إنك لا تقدر ترضي الناس كلهم، فأصلح ما بينك وبين الله عز وجل، فإذا أصلحتَ ما بينك وبين الله عز وجل، فلا تبال بالناس».

أَحْكِم العلاقة مع الله، ومن الحرية أَلَّا تأسى على ما ينالك من الناس.

وقال: «صَحِبتُ الصوفيةَ عشرَ سنين، ما استفدتُ منهم إِلَّا هذين الحرفين: الوقت سيف، وأفضل العصمة أَلَّا تقدر».

لقد صاحب الشافعي الصوفية، وكان ينصحهم ويعلِّمهم ويؤدِّبهم، كما ثبت عنه ذلك في سيرته.

كما أنه رحمه الله وإن كان ينتقد الصوفية، إِلَّا أنه مع ذلك ذكر أنه استفاد منهم أن «الوقت سيف»، و«من العصمة أَلَّا تقدر». أي أن الإنسان يكون راغبًا في شرٍّ، ولكن الله سبحانه وتعالى يحول بينه وبينه بالعجز وعدم الإمكان.

ها هنا شرف الانتفاع بالزمن، والتحرُّر من رِقِّ الشهوات.

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 136

يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي:

https://www.alsallabi.com/uploads/books/16527989340.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022