الخميس

1446-06-25

|

2024-12-26

الدروس المستفادة من محنة الإمام أحمد بن حنبل

اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

الحلقة: الخامسة و الثمانون

صفر 1444ه/ سبتمبر 2022م

أولا: عالم متواضع منفرد يقول بملء فمه: «لا». وهو لا يملك أي قوة أخرى، غير قوة الإيمان والصبر، وهو يرى ما سوف يلقاه من هذه الكلمة، ولهذا قال أبو الحسن علي بن شُعيب السِّمسار: «لولا أحمد بن حنبل قام بهذا الشأن، لكان عارًا علينا إلى يوم القيامة أن قومًا سُبِكُوا فلم يخرج منهم أحدٌ».

ولهذا قال أبو الوليد الطيالسيُّ: «لو أن أحمد بن حنبل في بني إسرائيل كُتبت له سيرةٌ». أو قال: «لكان أُحدوثة».

لو كان أحمد في بني إسرائيل لكُتبت له سيرة واحدة، أمَّا لأنه من هذه الأمة، فقد كُتبت له عشرات السير، فقد تُرجم له في مجلدات خاصة، كما صَنَّف ابن الجوزي والبيهقي، وكتب في ذلك جمع من أهل العلم، وعلى كلامهم اعتمدتُ، منهم الذهبيُّ في «سير أعلام النبلاء»، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»، وابن كثير في «البداية والنهاية»، وجماعة من المؤرِّخين المعتمدين، ومن المحدِّثين، كابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل»، وغيرهم كثيرٌ.

ثانيا: قام أحمد بالشهادة العلنية لترسيخ عقيدته، والذين كانوا يقولون بما يقول كثير، بل هم أكثر العلماء، ولكن الذي ثبت وأعلن المذهب وأصرَّ عليه وأُوذي في سبيله رجل واحد فقط، وهو الإمام أحمد.

ولذا قال عليُّ بن المدينيِّ: «إن الله أيَّد هذا الدين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم الرِّدة، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة».

صبر الإمام أحمد عشرين سنة، لتعود الدولة إلى مذهب أهل السنة، ويصبح هو المذهب المتبوع الرسمي الذي يدين به المسلمون؟!

ثالثا: ثبت الإمام أحمد على موقفه، واستطاع أن يتجاوز الحظوظ الذاتية، فتسامح مع الذين عذَّبوه وضربوه، وجعلهم في حِلٍّ، ولم يمض بقية عمره في حال مَوْجِدَةٍ أو حِقْدٍ أو تربُّص، وكان جديرًا بقوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83].

بل لم يضع يده مشاركًا في مشروع ثورة فاشلة كان الدافع إليها الغضب والرفض، دون أن تكون مؤهِّلة للنجاح، أو مراعية لنواميس التاريخ وسننه التي لا تحابي أحدًا.

ولذا يُروى أنه لم يوافق محمد بن نصر المَرْوَزي ومَن معه في سعيهم للقيام على الخلفاء، مع أنه كان يقول عنه: «ذاك رجل هانت عليه نفسه في ذات الله».

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 170-171

يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي:

https://www.alsallabi.com/uploads/books/16527989340.pdf

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022