الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

نماذج من الأولويات

اقتباسات من كتاب "فقه الحياة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

الحلقة: 24

 

أولًا: مِن الأولويَّات العناية بالأولويَّات وضَبْطِها ومدارستها وقبول التنوُّع فيها، وعدم البغي بسببها، فلا يبغي بعضنا على بعض بسبب هذه الأولويَّات، فقد يكون هذا أولى لك، ولكنَّه ليس أولى لغيرك.

ثانيًا: المحافظة الدائمة على الصفاء والنقاء والسلام النفسيِّ، والهدوء والاستقرار والسعادة والرضا، فهذه مكاسب حقيقيَّة، وعلينا أن لا نُفرط فيها، بل علينا المحافظة على العلاقة الطيِّبة الأخويَّة مع المسلمين، وهذه مِن الأولويَّات القلبيَّة الأساسيَّة التي في ظِلِّها تصفو الحياة، فإيَّاك ثم إيَّاك أن تسمح لأي اختلاف في الاجتهاد أو في الأولويات مع أخيك المسلم؛ أن يجعل في قلبك عليه غِلًّا أو كراهية أو حقدًا.

ثالثًا: عدم التقاطع بين أولويَّات الأُمَّة، وأولويَّات فئة مِن فئاتها، فكُلَّما تكرَّس لمجموعة برنامج معين، وأبلَغوا في العُزْلة فيه، ضَعُفَت مراعاتُهم لمصلحة الأُمَّة، وصاروا يرون مصلحةَ الأُمَّة مِن خلال مصلحة هذا الفريق أو هذه المجموعة التي رسمت لنفسها برنامجًا خاصًّا، قد لا يتطابق مع مصلحة الأُمَّة كلِّها، ولما حاصر النبيُّ ﷺ الطائفَ أصابتهم جراحٌ، فقال لهم النبيُّ ﷺ، وقد رأى ما مَسَّهم: «إنا قافلون غدًا»، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، نرجعُ ولم نفتحْها؟ فترَكَهم، فلما كان مِن الغدِ أصابَتْهم جراحٌ، فقال لهم النبيُّ ﷺ: «إنَّا قافلون غدًا»، فأعجبهم ذلك، وتطلَّعوا إليه، ورفعوا رؤوسَهم، فتبسَّم النبيُّ ﷺ.

فمصلحة الأُمَّة العامَّة في سوادِها، وجمهورِها، وعامَّتها، وفي هدوئها، وسكينتها، وفي حِفْظِها، وحِفْظ ثغورها، وفي عدم تسليط أعدائها.

رابعًا: ضرورة تحريك قناعات أفراد الأُمَّة للعمل المنتِج للإصلاح الشامل، فمليار ومائتا مليون إنسان، عددٌ هائلٌ يسدُّون الأُفُق، فهم خُمْسُ سكانِ الكرة الأرضيَّة، ولو أن كلَّ واحد منهم عنده عملٌ -ولو صغيرًا- لكان للإسلام مِن وراء ذلك عِزٌّ أكيد، ولو كان عندنا عشرة ملايين إنسان منتخَب في عِلْمِه وعقله وإدراكه وسلوكه ونُضْجِه، لكان لنا حال أخرى ومكان أسمى، فاليهود كلُّهم لا يتجاوزون سبعةَ ملايين نسمة، ومع ذلك أصبحت هذه الدولة شوكةً في خاصرة العالم الإسلاميِّ، بل إنها تتحدَّى هذه الأُمَّة من أقصاها إلى أقصاها، بجيوشها، وحكوماتها، وشعوبها، ليس فقط في المجال العسكريِّ، بل حتى في المجال المعلوماتيِّ، والتقنيِّ، والسياسيِّ، وهذه مصيبة كبيرة جِدًّا.

ولو استطعنا أن نحرِّك طاقاتِ الأُمَّة، فسوف نكون أمام نتيجة مبهرة، وليس المقصود رَفْع الشعارات، ولا توزيع المسؤوليَّات، وإنما المقصودُ حركةٌ فعليَّة تنطلق مِن قناعة الإنسان؛ لأنه جزء مِن المشكلة، وهو بالتالي جزء مِن الحلِّ، ولذلك لا يمكن أن يكون بيننا إنسانٌ يرى أنَّه ليس جزءًا مِن المشكلة؛ لأنه حينئذٍ لن يكون جزءًا مِن الحلِّ، والذي لا يعترف بأنَّه مسؤول عن خطأ، لن يقوم بالتصحيح.

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب"فقه الحياة" للشيخ سلمان العودة، صص 106


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022