الخميس

1446-10-26

|

2025-4-24

تعطيل خيار الشورى في الدولة الأموية

من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

الحلقة: 272
بقلم: د. علي محمد الصلابي
ذو الحجة 1442 ه/ أغسطس 2021م

ضرب الأمويون نظام الشورى في الحكم ، ذلك النظام القائم على حرية الانتخاب وحرية المعارضة ، والذي كانت القيادة الراشدة نفذته التزاماً بمعطيات القران والسنة في هذا المجال ، ولقد ولّدت خطوة الأمويين هذه التي أقدم عليها معاوية في أخريات خلافته الكثير من ردود الأفعال ، وبالتالي في حركات المعارضة السلمية والمسلحة ، والتي استنزفت في جسد الأمة الإسلامية طيلة العقود التالية الكثير من العناء والدماء ، بل إن بعضها تحول إلى تجمع مذهبي وصل حد الانغلاق في عدائه مع خصومه ، وأصبح على استعداد لتقبل عناصر غريبة شاذة ، لم يقبل بها الإسلام يوماً أو يدعو إليها..
إن الفعل الخاطأى يولد رد فعل خاطأى يساويه في القوة ويخالفه في الاتجاه ، وهذا الذي حدث فعلاً عبر عديد من حركات المعارضة الدموية والتمزقات السياسية العنيفة التي شاهدها هذا العصر.
نظام ولاية العهد:
أوجد نظام ولاية العهد البغض والكراهية ليس لدى جماهير المسلمين فحسب ، بل لدى أهل البيت الأموي نفسه ، ففضلاً عن أن الفكرة شغلت معاوية ، كما شغله تنفيذها ، إلا أنها جلبت على الخلافة الأموية كلها المشاكل التي أسهمت في كراهية الناس لها ،وسعيهم في القضاء عليها ، وأسهمت في خلق التفكك وإضعاف التضامن في البيت لأموي.
يقول الشيخ محمد خضري بك: كانت ولاية العهد سبباً كبيراً في انشقاق البيت الأموي ، وذلك أن بني مروان اعتادوا أن يولوا عهدهم اثنين يلي أحدهما الاخر. وأول من فعل ذلك مروان؛ فإنه أزاح خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد ، ثم ولى عهده عبد الملك ثم عبد العزيز ، وكذلك عبد الملك حيث كاد أن يشق هذا البيت حين أراد تحويل ولاية عهده إلى ابنه الوليد وعزل أخيه ، لولا أن ساعده القضاء المحتوم بوفاة عبد العزيز ، فلم تبدأ الأزمة ولكنه هو الذي رأى ذلك وعلمه ، ولم يستفد من تلك التجربة بل ولى الوليد وسليمان ، وخطر ببال الوليد أن يعزل سليمان ويولي ابنه ، فعاجله القضاء وأخر الأمر إلى حين ، ولم يستفد سليمان مما حصل له فولى عهده عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ، ولم يكن عمر يميل إلى يزيد فخيف منه فعوجل حتى قيل: إنه سم ، وأعاد يزيد هذه الغلطة فولى عهده هشاماً أخاه ثم الوليد ابنه ، فأراد هشام أن يخلع الوليد ، ولجَّ في ذلك حتى تباعد ما بين هشام والوليد ، وكان كثير من كبار القواد وذوي الكلمة المسموعة في الدولة الأموية صرحوا بممالأة هشام على رأيه ، ولكنه مات قبل أن ينفذ ما رأى ، فجاء الوليد مشمراً عن ساعد الجد في الانتقام من أولئك الخصوم الذين عليهم المعول في إشادة بيتهم ، ومنهم بنو عمه وكبار أهل بيته ، فكان ذلك نذير الخراب ، فإن البيت انشق وتجزأت القوى التي كان يستند عليها ، فكان من وراء ذلك مجال واسع لخصومهم الذين هبت أعاصيرهم من المشرق ، فأخمدت منهم الأنفس وجعلتهم أثراً بعد عين.
إن نظام ولاية العهد على النحو الذي أحدثه معاوية رضي الله عنه والطريقة التي طوّر بها الأمويون هذا النظام ، جعلت ضرره أكثر من نفعه ، ويكفي لبيان ذلك الإشارة للاتي:
1 ـ شجع العصبية ودعمها ، وقد نهى عنها الإسلام.
2 ـ إن هذا النظام قد سيطرت فيه عاطفة الأبوة والأقرب نسباً وقوة العصبية على عملية التولية بصفة عامة ، وقد أدى ذلك إلى الاتي:
أ ـ تقييد حق الأمة في اختيار الخليفة بحصره في أسرة معينة.
ب ـ تقييد مبدأ الشورى بحصره في أهل عصبية وشوكة الأسرة الحاكمة.
ج ـ دفعت المفضول إلى تولي الخلافة مع وجود الأفضل ، بل وبمن افتقد بعض شروط الخلافة مع وجود المستجمعين لهذه الشروط وفقاً لما سلف ذكره.
د ـ وضع الخلفاء موضع تهمة وشبهة ، كما أثار الشك ـ عند بعض الناس ـ حول مشروعية البيعة بولاية العهد ، والبيعة بالخلافة.
3 ـ أدى إلى ظهور العداوة والبغضاء بين الأسر القرشية ، وأيضاً بين أفراد البيت الحاكم ، وذلك مما أدى في النهاية إلى ضمور قوتهم وزوال شوكتهم.

يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022