الإثنين

1446-12-06

|

2025-6-2

المادة الدراسية في دار الأرقم

مختارات من موسوعة السيرة النبوية والخلفاء الراشدين ..

بقلم: د. علي محمد الصلابي

الحلقة (38)

 

كانت المادَّة الدراسية الَّتي قام بتدريسها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم، القرآن الكريمَ، فهو مصدر التَّلقِّي الوحيد، فقد حَرَصَ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على توحيد مصدر التَّلقِّي، وتفرُّده، وأن يكون القرآن الكريم وحده هو المنهج، والفكرة المركزيَّة الَّتي يتربَّى عليها الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والجماعة المسلمة، وكان روح القُدُس ينزل بالآيات غضَّةً طريَّةً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيسمعها الصَّحابة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرةً، فَتُسْكَب في قلوبهم، وتتسرَّب في أرواحهم، وتجري في عروقهم مجرى الدَّم، وكانت قلوبهم، وأرواحهم تتفاعل مع القرآن، وتنفعل به، فيتحوَّل الواحد منهم إلى إنسانٍ جديدٍ؛ بقيمه، ومشاعره، وأهدافه، وسلوكه، وتطلُّعاته. لقد حرص الرَّسول صلى الله عليه وسلم حرصاً شديداً على أن يكون القرآن الكريم وحده هو المادَّة الدراسية، والمنهج الَّذي تتربَّى عليه نفوس أصحابه، وألا يختلط تعليمهم بشيءٍ من غير القرآن.

في دار الأرقم تعلَّموا: أنَّ القرآن الكريم، وتوجيهات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، هما الدُّستور الأعلى؛ للدَّعوة، والحياة، والدَّولة، والحضارة. كان القرآن الكريم المادَّة الدراسية الوحيدة الَّتي تلقَّاها تلاميذ مدرسة الأرقم على يد المربِّي الأعظم محمَّد صلى الله عليه وسلم ، فهو المصدر الوحيد للتلقِّي، وعليه تربَّى الجيل الفريد من هذه الأمَّة العظيمة، فهو كتاب هذه الأمَّة الحيُّ، ورائدها النَّاصح، وهو مدرستها الَّتي تتلقَّى فيها دروس حياتها.

لقد تلقَّى الرَّعيل الأوَّل القرآن الكريم بجدِّيَّةٍ، ووعيٍ، وحرصٍ شديدٍ على فهم توجيهاتـه، والعمل بها بدقَّـةٍ تامَّةٍ، فكانوا يلتمسون من آياته ما يوجههم في كلِّ شأنٍ من شؤون حياتهم الواقعيَّة، والمستقبليَّة.

نشأ الرَّعيل الأوَّل على توجيهات القرآن الكريم، وجاؤوا صورةً عمليَّةً لهذه التَّوجيهات الرَّبَّانيَّة، فالقرآن كان هو المدرسة الإلهيَّة، الَّتي تخرَّج منها الدُّعاة، والقادة الرَّبَّانيُّون، ذلك الجيل الَّذي لم تعرف له البشريَّة مثيلاً من قبلُ، ومن بعدُ. لقد أنزل الله القرآن الكريم على قلب رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لينشئ به أمَّةً، ويقيم به دولةً، وينظِّم به مجتمعاً؛ وليربِّيَ به ضمائر، وأخلاقاً، وعقولاً، ويبني به عقيدةً، وتصوُّراً، وأخلاقاً ومشاعر، فخرَّج الجماعة المسلمة الأولى الَّتي تفوَّقت على سائر المجتمعات في جميع المجالات؛ العقديَّة، والرُّوحيَّة، والخلقيَّة، والاجتماعيَّة، والسياسية، والحربيَّة.

 

مراجع الحلقة:

- السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2004، ص 127-129.

- دولة الرَّسول صلى الله عليه وسلم من التكوين إلى التمكين، كامل سلامة، ص 225-335.

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب السيرة النبوية في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022