الأحد

1446-12-12

|

2025-6-8

الإسراء والمعراج (4)
الحلقة السادسة والعشرون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
ربيع الأول 1443 هــ / أكتوبر 2021

 دين الأنبياء جميعًا: 
إن الإسلام ليس الدين الذي بُعِثَ به محمد صلى الله عليه وسلم فحسب، بل كل الأنبياء بعثوا بالإسلام، فنحن نؤمن بدين موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، ونعتبر أن تراثهم ورثه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الحادثة العجيبة حادثة الإسراء تؤكد على هذا المعنى، وعلى ترابط هذه المواقع العظيمة ورسوخها وأهميتها في تاريخ المسلمين، وأنه لا يحق لأحد- كائنًا مَن كان؛ حاكمًا كان أو محكومًا أو جماعة أو دولة- أن تتخلَّى عن هذه الأرض أو تساوم عليها، أو تتنازل عن جزء منها، فهي جزء من تاريخ المسلمين وأرضهم وعظمتهم ومجدهم، بل ودينهم، وإذا لم تستطع الأجيال الحاضرة أن تحمي هذه البقاع وأن تحافظ عليها، وأن تعيد الحق إلى نصابه فلا أقل من أن تلتزم بأن الحق حق والباطل باطل، وأن الاغتصاب والقوة لا تغير من معايير الحق شيئًا، ولعل الأجيال القادمة تستطيع أن تحقق على يديها ما لم يستطعه هذا الجيل، وينبغي أن نتذكر هذا الترابط والتآخي بين هذه الأماكن المقدسة.
رابعًا: إن حادث الإسراء الذي صلَّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في هذا المكان المقدَّس الطاهر، ليؤكد على خاتمية هذه الرسالة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ورث الأنبياء كلهم عليهم الصلاة والسلام، وجاء بالدين الخاتم الذي أكمل الله تعالى به دينه، وأتم به النعمة على عباده، ورضي به للناس جميعًا: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
لقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدين الخاتم، وهذا الكتاب الخاتم، وجاء بالهداية، ووجب بعد ذلك على كل أحد أن يسمع للنبي صلى الله عليه وسلم ويتبع ملته، ولا يمكن أن يدخل بعد بعثته صلى الله عليه وسلم أحد الجنة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ». فالنبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، ودينه خاتم الأديان والرسالات، وهو المهيمن عليها جميعًا. 
 أمل لا يذبل: 
هذه المعاني يجب أن تبعث في قلوبنا الأمل على أن الأرض المقدسة سوف تعود لأصحابها الشرعيين، وأن علينا جميعًا ألا نكتفي بمجرد الانتظار، بل أن نسعى في حماية هذه الأرض ومناصرة جندها المرابطين في سبيل الله من الطائفة المنصورة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ظاهرين لعدوهم قاهرين، قائمين بأمر الله، لا يضرهم مَن خذلهم ولا مَن خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، فمَن لم يستطع أن يقوم بذلك فلا أقل من أن يبعث كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بزيت تسرج به قناديل ذلك المسجد.
يجب أن نسعى إلى تحقيق هذا المعنى، وتأويل هذا الخبر الإلهي الرباني الذي يؤكده حادث الإسراء، ويبين أن هذه الأرض سوف تعود لأصحابها طال الزمن أم قصر:﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: 88].


رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم 
http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي
http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022