الأحد

1446-12-12

|

2025-6-8

بين التصديق بالغيب والتكذيب بالخرافة (1)

الحلقة السابعة والعشرون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

ربيع الأول 1443 هــ / نوفمبر 2021

من عبر الحادثة:

من القصص اللافتة في حادثة الإسراء والمعراج أن أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه جاءه قوم فقالوا له: أتسمع ما قال صاحبك؟ قال: ماذا قال؟ فأخبروه أنه ذهب إلى بيت المقدس وعُرج به إلى السماء في ليلة واحدة، فماذا قال أبو بكر الصديق؟ قال: إن كان قاله فقد صدق. فمن يومئذ بل ومن قبله سُمِّي بالصدِّيق، وقال تعالى:﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [الزمر: 33]. فهو رضي الله عنه كان صدِّيقًا، يُصدِّق النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر الحق من السماء، وهو أول مَن آمن به إذ كذبه الناس، وهو الذي صدَّق بخبر الإسراء والمعراج.

لكن الأمر الذي يعجب ويطرب أنه رضي الله عنه لما قيل له الخبر قال: إن كان قاله فقد صدق. فربط التصديق بصحة الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤكِّد على معنًى عظيم؛ أن الدين مبني على الغيب، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: 3]. فالناس لا يعرفون ما يتعلق بالألوهية، وبالآخرة، والجنة والنار، والبعث، إلا عن طريق الوحي المنزَّل، ولذلك فإن الفرق بين المسلم والكافر أن المسلم يؤمن بالغيب، والكافر لا يؤمن به، وإنما يؤمن بالماديات.

 بين الغيب والخرافة:

يجب أن نفرق بين الغيب وبين الخرافة؛ فالغيب فوق العقل، ولا يستطيع العقل إدراكه واستيعابه، ولو أن البشر كلهم حاولوا أن يعرفوا بعض حقائق الألوهية من خلال عقولهم ما وصلوا إلى ذلك؛ لأنه لا يوجد عندهم دليل ولا مثال يقيسون عليه، فالأمر أكبر من عقولهم، وكيف لهذا العقل المحدود، كيف له أن يستوعب القضايا الكبرى من قضايا الألوهية وما يتعلق بها؟

إذًا: الغيب فوق العقل، أما الخرافة والأسطورة فهي تحت العقل، والعقل يرفضها ويستنكرها، ولذلك كل الأساطير والأقاويل التي يتداولها الناس دون أن يكون لها سند صحيح من الشريعة فهي داخلة في الخرافة، والكثير من المسلمين اليوم ربما يتداخل عنده هذا بذاك فتجد أن بلاد الإسلام تسرع إلى تصديق الأخبار الواهية.

قبل أكثر من ثلاثين سنة كنت أقرأ كتابًا للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في التحذير من وصية الشيخ أحمد المزعومة المتعلقة بأنه يحمل مفاتيح الحرم، وأنه رأى رؤيا طويلة وفيها تفاصيل غريبة، فكنت أقول في نفسي: هل يحتاج الأمر إلى كتاب يؤلَّف؟! هذه قضية واضحة يعرفها الخاص والعام، ما الداعي لأن يكتب فيها مثل هذا؟ فإذا بي أجد أن هذه القصة منذ ذلك اليوم وإلى اليوم تتجدد كل سنة، ويبدأ الناس يسألون عنها من خلال رسائل الجوال، ورسائل الإنترنت، والمجالس والمحاضرات، وكأنها تشاع لأول مرة، بل أجد أن مَن قبلنا كالشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله كتب عنها في فتاويه وغيره من أهل العلم.

عجبًا! ما الذي يحمل الناس على تقبل هذه الخرافات والأساطير؟!

إن هذه الخرافات سرعان ما تنتشر عند الناس ويتناقلونها، بل ويؤمنون بها ويصدقونها.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022