(بيعة عبد الله بن الزبير في العراق والشام)
الحلقة: 56
بقلم: د. علي محمد الصلابي
جمادى الآخرة 1443 ه/ يناير 2022م
1 ـ بيعة ابن الزبير في العراق:
أدت وفاة يزيد بن معاوية إلى اضطراب الوضع في العراق، ونشوب النزاع بين قبائله المختلفة حول السلطة، وهرب عبيد الله بن زياد إلى الشام، وخرج الخوارج قبل هروبه من السجن، وبدؤوا بإشاعة الفوضى والفساد، وبعد فتن وقتال اتفقت القبائل بالبصرة على أن يتولى عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب الأمر، ثم شرع ابن الزبير في تعيين نوابه بعد بيعة أهل البصرة له إلى أن استقر على ولايتها أخوه مصعب، وعين أهل الكوفة عامر بن مسعود بن خلف القرشي، وكتبوا بذلك إلى ابن الزبير فأقره، وهذا التصرف يعد في حقيقته إقرار أهل الكوفة بخلافة ابن الزبير، وتعامل أهل البصرة وأهل الكوفة مع ابن الزبير كخليفة للمسلمين.
وقد ساعدت عوامل عديدة على نشر بيعة ابن الزبير بالعراق، من أهمها: الفراغ السياسي في السلطة بعد وفاة يزيد بن معاوية، وهروب عبيد الله بن زياد إلى الشام، كما أن التنافس القبلي على السلطة، واشتداد شوكة الخوارج، وتهديدهم للأمن ساهم في حث أهل العراق على توحيد كلمتهم، والانضواء تحت لواء ابن الزبير.
2 ـ بيعة ابن الزبير في الشام:
بعد وفاة معاوية بن يزيد وفي مناخ الشام المشوب بالفوضى والاضطراب، وجدت بيعة ابن الزبير منفذاً لها في بلاد الشام، لا سيما وأن أخبار صمود ابن الزبير أمام جيش الحصين بن نمير في الحصار الأول، وبيعة أهل الحجاز له، قد تنامت إلى بلاد الشام، ويصور لنا البلاذري موقف أهل الشام من بيعة ابن الزبير في تلك الظروف، فيقول:
فلما مات معاوية بن يزيد مال أكثر الناس إلى ابن الزبير، وقالوا: هو رجل كامل السن، وقد نصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وهو ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه بنت أبي بكر بن أبي قحافة، وله فضل في نفسه ليس لغيره، وتكاد تجمع المصادر على بيعة جميع أقاليم أهل الشام ما عدا الأردن، فقد بايع زفر بن الحارث الكلابي بقنسرين، وبايع النعمان بن بشير الأنصاري بحمص، واستطاع نائل بن قيس الجذامي أن يسيطر على فلسطين ويدعو فيها لابن الزبير، ودعا الضحاك بن قيس الفهري لابن الزبير في دمشق، وعين ابن الزبير الضحاك بن قيس والياً على الشام، وهذه أهم الأقاليم التي بايعت ابن الزبير.
يمكنكم تحميل كتاب التداول على السلطة التنفيذية من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي