الحث على طلب الأسباب في الأمور المكفولة ..
مختارات من كتاب " الإيمان بالقدر "
لمؤلفه الشيخ الدكتور علي محمد الصلّابي
الحلقة الثانية والثلاثون
ترشدنا الآيات القرآنية إلى الأمر الشرعي قائم على حث الخلق على الأخذ بالأسباب حتى في الأمور التي كفلها الله له بموجب فضله وكرمه، ومن شواهد ذلك قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك : 15). فقد تكفل الله برزق مخلوقاته بدليل قوله تعالى: "وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا" (هود : 6). وقال تعالى: "وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ" (الذاريات : 22). وقال تعالى: "وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ" (العنكبوت : 60).
ولكنه سبحانه جعل طريق وصول هذا الرزق وتحصيله في الأخذ بالأسباب والسعي والكسب في الحياة (1)، ومع تقدير الله للعبد في الرزق، فيجب عليه طرق الأسباب في طلب الرزق، وهذا لا ينافي التوكل ، وزيادة الرزق جعل الله لها أسباباً منها:
أ- صلة الرحم: قال صلى الله عليه وسلم : "من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه (2).
ب- تقوى الله: قال تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" (الطلاق: 2 ـ 3). وكذلك اجتناب البغي، وظلم العباد، والرياء، وأكل مال اليتيم.
وكذلك الأسباب الطبيعية والمادية، كالسعي للرزق وبذل الجهد، واختيار الأزمان المناسبة وحسن اختار المكاسب النافعة ونحو ذلك، وهذه الأسباب والمسببات كلها بقدر الله تعالى ومشيئته (3).
وما أجمل ما قاله عمر بن الخطاب لبعض الناس في زمنه عندما قال: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة وإنما يرزق الله تعالى بعضهم من بعض، أما قرأتم قول الله تعالى: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ" (الجمعة : 10) (4).
---------------------------------------------
مراجع الحلقة الثانية والثلاثون:
(1) السنن الإلهية د. مجدي عاشور، ص 146.
(2) البخاري رقم 1961.
(3) أصول الاعتقاد في سورة يوسف ص 501.
(4) الإيمان بالقدر، للقرضاوي ص 56.
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الإيمان بالقدر في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي: