الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

(منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تكوين المجاهد المسلم)

من كتاب الدولة الحديثة المسلمة دعائمها ووظائفها:
الحلقة: الثامنة عشر
بقلم الدكتور: علي محمد الصلابي
محرم 1443 ه/ سبتمبر 2021

كان منهجه صلى الله عليه وسلم في تكوين المجاهد المسلم، يعتمد على نهجين متوازيين، التوجيه المعنوي، والتدريب العملي.
ـ التوجيه المعنوي:
كان صلى الله عليه وسلم يسعى إلى رفع معنويات المجاهدين فيمنحهم أملاً يقيناً بالنصر أو الجنة، ومنذ تلك اللحظات وفيما بعد، ظل هذا الأمل يحدو الجندي المسلم في ساحات القتال ويدفعه إلى بذل كل طاقاته النفسية والجسدية والفنية، من أجل كسب المعارك، أو الموت تحت ظلال السيوف(1) فمن أقواله صلى الله عليه وسلم في حث أصحابه على الجهاد: «والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عنّي، ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغدو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أنيّ أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل»(2).
ـ وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أحد يدخل الجنة، يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء، إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة»(3).
ـ التدريب العملي:
سعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى اعتماد كلّ طاقات الأمة القادرة على البذل والعطاء ورجالاً ونساء وصبيانا وشباباً وشيوخاً، وإلى التمرس على كل مهارة في القتال، طعناً بالرمح وضرباً بالسيف ورمياً بالنبل، ومناورة على ظهور الخيل، وكان صلى الله عليه وسلم يمزج خطيّ التربية العسكرية المتوازيين، التوجيه والتدريب والأمل في النصر أو الجنة، وتقديم الجهد في ساحات القتال، ويحض المسلمين على إتقان ما تعلموا من فنون الرماية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى، فهي دعوة إلى عموم الأمة، وحتى من دخلوا في سن الشيخوخة للتدريب على إصابة الهدف ومهارة اليد، ونشاط الحركة.
إن الإسلام يهتم بطاقات الأمة جميعها، ويوجهها نحو المعالي، وعلوّ العمة.
وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بالأعداء على حسب كلّ طرف وحال، ويحث على كل وسيلة يستطيعها المسلمون، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ : ألا إن القوة الرميّ ألا إن القوة الرّمي ألا إن القوة الرّمي»(4).
ولذلك أخلص الصحابة في جهادهم لله تعالى، طمعاً في ثوابه، خوفاً من عقابه، فكان كلامهم لله، وأنفقوا أموالهم ابتغاء مرضاة الله، وقدموا أنفسهم دفاعاً عن دين الله، ومن أجل إعلاء كلمة الله تعالى، وكان لجهاد الصحابة في سبيل الله تعالى آثاره العظيمة في تزكية نفوسهم، والتي تتجلى في الجوانب التالية وهي: تحرير النفس من حب الحياة والتعلق بها، تمحيص النفس وتدريبها على الصبر والفداء، وعزة النفس، وأما أهداف الجهاد، حماية حرية العقيدة، حماية الشعائر، والعبادات ودفع الفساد عن الأرض والابتلاء والتربية والإصلاح، وإرهاب الكفار وإخزاؤهم وإذلالهم، وتوهين كيدهم وكشف المنافقين، ودفع عدوان الكافرين.

مراجع الحلقة الثامنة عشر
( ) دراسات في السيرة لمحمد زين العابدين ص: 161.
(2) أخرجه البخاري، الحديث رقم: 2797.
(3) أخرجه البخاري، الحديث رقم: 2817.
(4) أخرجه مسلم، الحديث رقم: 1917.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الحديثة المسلمة دعائمها ووظائفها
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/Book157.pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022