الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

تأملات في الآية الكريمة: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 54

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

محرم 1444ه / أغسطس 2022م

- {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي} أي: هذا الطالع ربي، أو هذا الجرم ربي واستعمل الإشارة بالمذكر صيانة للرب تعالى عن شبهة التأنيث، ولهذا قالوا في صفاته تعالى: علّام، ولم يقولوا: علّامة؛ تفادياً من علامات التأنيث.(1)

- {هَذَا أَكْبَرُ} من الكواكب والقمر، كما يظهر في النظر، قال ذلك كما مرّ معنا إنصافاً لخصومه.

- {فَلَمَّا أَفَلَتْ}: واجههم بالحقيقة الكاملة.

- {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}.

- وقوله {يَا قَوْمِ}: يؤكد أنه سبحانه كان مناظراً لقومه لا ناظراً لنفسه.

ولم يكتفِ - عليه السّلام - بإعلان براءته من كلّ مظاهر الكفر والشرك التي كان قومه عليها، بل أخذ يعرّفهم بالإله الحق، الذي يجب أن يتوجهوا إليه وحده بالعبادة والطاعة.(2)

لقد تدرّج إبراهيم - عليه السّلام – بدعوة قومه، وأثبت لهم من عبدة النجوم أن كل كوكب - حتى الشمس- مصيره إلى أُفول، فكأنه وصل بهم بالمنطق إلى أن عبادة الكواكب لا تصلح، واستخدام المنطق الذي يحقق نيّته في أن ينكر هذه الربوبية ويستأنس به آذان من يستمعه، وهناك أشياء يجعلها الحق سبباً مبرراً؛ لارتكاب أشياء كثيرة، إلا أننا نعقد مقارنة بين بعضهم البعض مثلما قال الحق عزَّ وجل: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} ]النحل:106[.

وقد جاءت بعد قوله سبحانه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} ]النحل:106[، فإذا كان الله قد أباح إجراء كلمة الكفر على لسان المؤمن المطمئن لينجي حياته وهو فرد، أفلا يصحّ لإبراهيم أن يقولَ: {هَذَا رَبِّي} بما تحتمل من أساليب حتى ينجي أمة بأسرها من أن تعبد الكواكب والنجوم؟(3)

وقد جاء الأمر صريحاً بالبراءة من الشرك والكفر؛ لأنه سبق المسألة بالترقيات الجدلية التي قالها، وحين يسمعها أي عاقل فلا بُدّ أن يعلن اتفاقه في هذا الأمر، ولذلك قال: {إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}؛ ولأنه كإنسان مؤمن لن يغش نفسه، وبالتالي لن يغش قومه، وهذا ما ينبّه العقل حين يعطيه الله هبة الهداية، وإنَّ البراءة من الشرك تخلية عن أعظم المفاسد، والتخلية تعني أن تنفك أو تنقطع عن العمل الفاسد (الشرك)، وبعد ذلك تدخل في العمل الإيجابي، وأعظم الأعمال الصالحة توحيد الله وإفراده بالعبادة.(4)

وقد استعمل إبراهيم - عليه السّلام - أسلوب الإخبار عن نفسه؛ ليكون لهم قدوة ومثلاً فقال بصيغة الخبر المؤكد.

مراجع الحلقة الرابعة والخمسون:

( ) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (تفسير النسفي)، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، (2/435).

(2) التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم، (2/467).

(3) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (6/3751).

(4) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (6/3753).

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

http://alsallabi.com/uploads/books/16228097650.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022