النبي (صلى الله عليه وسلم) وأدب الحوار (2)
الحلقة الثانية والتسعون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
رجب 1443 هــ / فبراير 2022
- منهج التنزل في الخطاب:
هنا نجد أننا أمام منهج قرآني عظيم، فالله سبحانه وتعالى إذ يقول: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [سبأ: 24-25].
ما أجرمنا لا تسألون عنه، فكل يؤخذ بذنبه: ﴿وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾، فسمى الأمر الصادر منهم عملًا ولم يسمه جريمة، وهذا ما يسميه العلماء أسلوب التنزل للخصم، فمثل هذا الأسلوب في الحوار والأخذ والعطاء والرد هو الأسلوب الرباني والأسلوب النبوي الذي يعتمد على آلية جيدة في الخطاب، مع مراعاة الأدب مع من تتحدث معه، وعدم المعاجلة والمقاطعة.
من الضروري جدًّا أن يكون هذا الأسلوب شائعًا في ثقافتنا ومجالسنا وإعلامنا.
- الحوارات الإعلامية:
إننا نشهد اليوم ثورة إعلامية، ونشاهد العديد من البرامج المتحدثة عن الحوار والجدل، والآراء المتعارضة والأطراف المختلفة، بل نشهد ألوانًا من العراك السياسي والفكري والثقافي، وكل اتجاه له ما يمثله.
هؤلاء يحاولون أن يقدموا أنفسهم للناس، لكن نجد آلية كثير من هؤلاء في حواراتهم الهجوم على الأطراف الأخرى وآلية التشفي ورفع الصوت والجلبة في الكلام، وبدون شك فإن الناس يشاهدون هذه المعارك، وكأنما يتفرجون على صراعات، وقد يرون أن هذا انتصر وهذا انهزم. لكن.. ما هي المقاييس الحقيقية للنصر؟ وأي لون من الحوار ينبغي للإنسان أن يدخل فيه؟
إنني أعتقد أن من الحكمة أن يكون دخول الإنسان في الحوار مبنيًّا على نوع هذا الحوار وموضوعه، بحيث يكون موضوعه علميًّا صحيحًا، وأن يكون المجال الذي يتم فيه هذا الحوار هادئًا، لا يعتمد على الصخب والضجيج، بقدر ما يعتمد على الحجة والبرهان، وأن يكون الهدف هو إظهار الحق.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي